( وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله امض لما أمرك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى : " فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ولكن ، اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ) إلى قوله : ( فقال رسول الله ( ص ) خيرا ودعا له به ) . وجاء في جواب سعد بن معاذ الأنصاري قوله : ( فامض يا رسول الله ( ص ) لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل . . . فسر رسول الله ( ص ) قول سعد ونشطه ذلك . ) يا ترى ماذا كان جواب الصحابيين أبي بكر وعمر لرسول الله ( ص ) الذي حذف من هذه الرواية وأبدل بقول مبهم وهو [ وأحسن ] ولو كان القول حسنا فلم حذف القول ؟ ! بينا أثبت قول المقداد المهاجري وسعد بن معاذ الأنصاري ، نرجع إلى صحيح مسلم فنجد في روايته : ان رسول الله ( ص ) شاور أصحابه حين بلغه اقبال أبي سفيان قال : ( فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ، ثم تكلم عمر فأعرض عنه . . . ) الحديث . يا ترى لماذا أعرض الرسول ( ص ) عن الصحابيين لو كان قولهما حسنا ؟ و نبحث عن قولهما لدى الواقدي والمقريزي فنجدهما يقولان هكذا ، واللفظ للأول : ( قال عمر : يا رسول الله إنها والله قريش وعزها ، والله ما ذلت منذ عزت والله ما امنت منذ كفرت والله لا تسلم عزها أبدا ، ولتقاتلنك ، فاتهب لذلك أهبته وأعد لذلك عدته . . . ) [1] . عرفنا من رواية ابن هشام والطبري ومسلم أن الصحابي عمر تكلم بعد الصحابي أبي بكر ووصف الطبري وابن هشام قول كل منهما ب [ فأحسن ] وفي رواية مسلم أن الرسول ( ص ) أعرض عن أبي بكر ثم عن عمر ومن ثم نعرف أن قولهما كان أمرا واحدا ، وعندما صرح الواقدي والمقريزي عن قول عمر وكتما قول أبي بكر ، كشف لنا قول عمر - أيضا - عن قول أبي بكر . ولما كان قول الصحابيين يسوء ذكره بعض الناس حذف قولهما من رواية ابن هشام والطبري ومسلم ، ومن أجل هذا النوع من الكتمان أصبحت هذه الكتب من
[1] مر بنا ذكر مصادر الخبر في بحث مناقشة الاستدلال بالشورى بهذا الكتاب .