ثانيا : الاستدلال بآية " وشاورهم في الامر " ان هذا الآية التاسعة والخمسين بعد المائة من سورة آل عمران وقد وردت ضمن سلسلة من آيات 139 - 166 منها وكلها في أمر غزوات الرسول وكيف نصرهم الله فيها ، وفي بعضها يخاطب المسلمين وخاصة الغزاة منهم ويعظهم ، وفي بعضها يخاطب الرسول خاصة ومن ضمنها هذه الآية : " فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله ، ان الله يحب المتوكلين " . يظهر جليا أن الامر بالمشاورة في هذه الآية بقصد الملاينة معهم والرحمة بهم ، وليس مأمورا بالعمل برأيهم ، بل يقول له وإذا عزمت فتوكل واعمل برأيك ، ومن المجموع أيضا أن مقام المشاورة الراجحة إنما هي في الغزوات ، وما ذكر من مشاورة الرسول مع أصحابه أيضا كانت في الغزوات كما سنذكرها في ما يلي : ثالثا : الاستدلال بمشاورة الرسول مع أصحابه : ان مشاورة الرسول مع أصحابه كانت في الغزوات ، وأشهرها مشاورته معهم في غزوة بدر ، وقصتها كما يلي : ندب رسول الله أصحابه للتعرض لقافلة قريش التجارية الراجعة من الشام بقيادة أبي سفيان وخرج معه 313 شخصا ممن استعد للاستيلاء على القافلة التجارية وليس للقتال ، وبلغ الخبر أبا سفيان فانحرف في سيره عن الطريق ، واستصرخ قريشا بمكة فخرجت مستعدة للقتال في جيش يقارب الألف محارب ، وأفلت أبو سفيان والقافلة ، فكان الرسول صلى الله عليه وآله أمام خيارين : التراجع إلى المدينة بسلام ، أو مقاتلة جيش قريش المتأهب للقتال بجيشه غير المتكافئ عددا وعدة . تفصيل الخبر : روى ابن هشام في سيرته وقال : واتاه الخبر عن قريش ومسيرهم ليمنعوا عيرهم ، فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش ، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ، ثم قام المقداد . . . [1] . ثم ذكر ما قاله المقداد وما قالته الأنصار . بينا لم يذكر ما قاله أبو بكر ثم عمر !