وروى بسند آخر وقال : اجتمع المهاجرون والأنصار فيهم طلحة والزبير فاتوا عليا . فقالوا : يا أبا الحسن ، هلم نبايعك ، فقال : لا حاجة لي في أمركم أنا معك فمن اخترتم فقد رضيت به ، فاختاروا ، فقالوا : والله ما نختار غيرك ، قال : فاختلفوا إليه بعدما قتل عثمان ( رض ) مرارا ثم أتوه في آخر ذلك ، فقالوا له : إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة وقد طال الامر فقال لهم : انكم قد اختلفتم إلي وأتيتم وإني قائل لكم قولا إن قبلتموه قبلت أمركم وإلا فلا حاجة لي فيه . قالوا : ما قلت قبلناه إن شاء الله ، فجاءه فصعد المنبر فاجتمع الناس إليه فقال إني قد كنت كارها لامركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم . ألا وإنه ليس لي أمر دونكم ، ألا إن مفاتيح ما لكم معي . ألا وانه ليس لي أن آخذ منه درهما دونكم ، رضيتم ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد عليهم . ثم بايعهم على ذلك وروى البلاذري [1] وقال : وخرج علي فأتى منزله ، وجاء الناس كلهم يهرعون إلى علي ، أصحاب النبي وغيرهم ، وهم يقولون : " إن أمير المؤمنين علي " حتى دخلوا داره ، فقالوا له : نبايعك ، فمد يدك فإنه لابد من أمير ، فقال علي : ليس ذلك إليكم إنما ذلك إلى أهل بدر فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة ، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى عليا ، فقالوا : ما نرى أحدا أحق بهذا الامر منك . . . فلما رأى علي ذلك صعد المنبر وكان أول من صعد إليه فبايعه طلحة بيده ، وكانت إصبع طلحة شلاء فتطير منها علي وقال : ما أخلقه أن ينكث . وروى الطبري [2] : أن حبيب بن ذؤيب نظر إلى طلحة حين بايع فقال : أول من بدأ بالبيعة يد شلاء لا يتم هذا الامر . . . ) إنتهى . بعد دراسة الواقع التاريخي في إقامة الحكم في صدر الاسلام ، ندرس في ما يأتي رأي المدرستين في الخلافة والإمامة ونبدأ بذكر آراء مدرسة الخلافة .
[1] الأنساب 5 / 70 وقد روى الحاكم في المستدرك 3 / 114 تشاؤم علي من بيعة طلحة . [2] الطبري 5 / 153 .