فقال له مثل المقالة الأولى . فقال الامام على أن كتاب الله وسنة نبيه لا يحتاج معهما إلى طريقة أحد ، أنت مجتهد أن تزوي هذا الامر عني . فاتجه عبد الرحمن إلى عثمان وأعاد عليه القول فأجابه به مثل بذلك الجواب ، فصفق على يده وبايعه ، فقال الإمام علي لعبد الرحمن حبوته حبوة دهر ، ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، والله ما وليت عثمان الا ليرد الامر إليك ، والله كل يوم في شأن . وبايع أصحاب الشورى عثمان ، وكان علي قائما فخرج مغضبا فقال له عبد الرحمن بايع والا ضربت عنقك ، ولم يكن يومئذ سيف مع أحد ، ولحقه أصحاب الشورى فقالوا : بايع والا جاهدناك ، فأقبل معهم حتى بايع عثمان . بيعة الإمام علي لما قتل عثمان ورجع إلى المسلمين أمرهم وانحلوا من كل بيعة سابقة تهافتوا على الإمام علي ، اجتمع المهاجرون والأنصار فيهم طلحة والزبير فاتوا عليا فقالوا : هلم نبايعك فقال : لا حاجة لي في أمركم انا معكم ، إن اخترتم فقد رضيت به فقالوا : والله ما نختار غيرك فاختلفوا إليه مرارا ثم أتوه في آخر ذلك فقالوا : إنه لا يصلح الناس الا بامرة وقد طال الامر " لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك ، قال ففي المسجد فان بيعتي لا تكون خفيا ولا تكون الا عن رضى المسلمين ، فاجتمعوا في المسجد يهرعون إليه ، وأول من صعد إليه فبايعه طلحة ثم تتابع المهاجرون والأنصار ثم سائر الناس فبايعوا عليا . بعد هذا العرض ندرس في ما يأتي آراء المدرستين في أمر الإمامة والخلافة .