عليه وسلم أبو بكر بكى وقال : يا رسول الله حدث في شئ ؟ قال : " ما حدث فيك الا خير ، ولكني أمرت ان لا يبلغه الا أنا أو رجل مني " [1] . وفي رواية عبد الله بن عمر : " ولكن قيل لي : أنه لا يبلغ عنك الا أنت أو رجل منك " [2] . وفي رواية أبي سعيد الخدري : " لا يبلغ عني غيري أو رجل مني " [3] . تدلنا القرائن الحالية والمقالية في المقام ، ان القصد من التبليغ في هذه الروايات وما شابهها تبليغ ما أوحى الله إلى رسوله من احكام إلى المكلفين بها في بادئ الامر ، وهذا ما لا يقوم به الا الرسول أو رجل من الرسول . ويقابل هذا التبليغ التبليغ الذي يقوم به المكلفون بتلك الاحكام بعدما بلغوا بها بواسطة الرسول أو رجل من الرسول فان لهم عند ذاك ان يقوموا بتبليغها إلى غيرهم ، ويطرد جواز هذا التبليغ ورجحانه ويتسلسل مع كل من بلغه الحكم إلى أبد الدهر . وواضح أن الرسول عنى بقوله " لا يبلغ عني غيري أو رجل مني التبليغ من النوع الأول " . ويفسر أيضا لفظ " مني " في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله حديث المنزلة الآتي : علي من النبي بمنزلة هارون من موسى في صحيح البخاري ، ومسلم ، ومسند الطيالسي ، واحمد ، وسنن الترمذي ، وابن ماجة وغيرها [4] واللفظ للأول ، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي :
[1] مسند أحمد 1 / 3 الحديث 4 من مسند أبي بكر وقال احمد شاكر : " اسناده صحيح " وراجع كنز العمال وذخائر العقبي . [2] في مستدرك الصحيحين 3 / 51 . [3] في الدر المنثور بتفسير " براءة من الله " . [4] صحيح البخاري 2 / 200 باب مناقب علي بن أبي طالب وصحيح مسلم ج 7 / 120 باب من فضائل علي بن أبي طالب والترمذي ج 13 / 171 باب مناقب علي والطيالسي ج 1 / 28 و 29 و ح 205 و 209 و 213 وابن ماجة باب فضل علي بن أبي طالب ح 115 ، ومسند أحمد ج 1 / 170 و 173 - 175 و 177 و 179 و 182 و 184 و 185 و 330 و ج 3 / 32 و 338 و ج 6 / 369 و 438 ، ومستدرك الحاكم ج 2 / 337 ، وطبقات ابن سعد 3 / 1 / 14 و 15 ، ومجمع الزوائد ج 9 / 109 - 111 ، ومصادر أخرى كثيرة .