يأتوه بها ، فلما أتوه بها ، أمر بتحريقها . وروى الزبير بن بكار [1] أن سليمان بن عبد الملك في زمان ولايته للعهد مر بالمدينة حاجا ، وأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبي ( ص ) ومغازيه فقال أبان هي عندي أخذتها مصححة ممن أثق به فأمر عشرة من الكتاب بنسخها فكتبوها في رق فلما صارت إليه نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين - يقصد بيعة الأنصار في العقبتين الأولى والثانية وذكر الأنصار في بدر ، فقال سليمان : ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل فأما أن يكون أهل بيتي - أي الخلفاء الأمويين - غمصوا عليهم ، وأما أن يكونوا ليس هكذا ، فقال أبان بن عثمان : أيها الأمير ! لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم - يقصد الخليفة عثمان - من خذلانه ، أن نقول الحق . هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا . قال سليمان : ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين - يقصد والده عبد الملك - لعله يخالفه ، فأمر بذلك الكتاب فحرق ، ولما رجع أخبر أباه بما كان فقال عبد الملك وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل تعرف أهل الشام أمورا لا نريد أن يعرفوها ، قال سليمان فلذلك أمرت بتحريق ما نسخته حتى أستطلع رأي أمير المؤمنين فصوب رأيه . هكذا يأمر خلفاء المسلمين وأولياء عهدهم بحرق كتب سنة الرسول لئلا يعرف المسلمون ما يخالف مصالحهم وقد فعلت السلطة أكثر من ذلك حين حرقت مكتبات فيها من كتب سنة الرسول ( ص ) ما يخالف اتجاههم نظير ما يأتي بيانه : حرق مكتبة اسلامية ببغداد قال ابن كثير [2] في ذكر حوادث سنة 416 ه بترجمة سابور بن أردشير : كان كثير الخير سليم الخاطر إذا سمع المؤذن لا يشغله شئ عن الصلاة وقد وقف دارا للعلم في سنة 381 ه وجعل فيها كتبا كثيرة جدا ووقف عليها غلة كبيرة فبقيت سبعين سنة ثم أحرقت عند مجئ طغرل في سنة 450 ه وكانت في محلة بين السورين . وقال الحموي بترجمة بين السورين في معجم البلدان : بين السورين ، اسم لمحلة كبيرة كانت بالكرخ وبها كانت خزانة الكتب التي وقفها وزير بهاء الدولة ولم تكن في الدنيا أحسن كتبا منها كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة وأصولهم المحررة و
[1] الموفقيات ص : 332 - 333 . [2] البداية والنهاية ( ج 12 / 19 ) .