وترويض النفس على ترك الهوى والعمل بما رسمته الشريعة له . وما الانسان لولا ذلك إلا كالانعام بل أضل ، كما ورد في القرآن الكريم [1] . ومن هنا فإن جميع رسالات السماء جاءت لتخطط طريق الكمال للانسان لمنعه من الانحراف والانزلاق في مهاوي الضلال . ونبي الاسلام ( ص ) - وهو خاتم الأنبياء - جاء لتكميل هذا المخطط بإيصال الانسان إلى أعلى المراتب فقال : ( إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق ) [2] ، وحث المسلمين على أفضل سبل المعاشرة والسلوك مع بني نوعهم للوصول إلى حياة الفضلى . وهو في هذا الحديث يبين الخصال التي تجعل من الفرد إنسانا كاملا وتؤهله للأمانة والاعتماد والثقة . ويحصر أصول ذلك في ثلاثة أمور : 1 - أن لا يتعدى الحد المتعارف شرعا في معاملة الناس ، وهو ما يعبر عنه ب ( الظلم ) . 2 - أن يكون صادقا في ما ينفل إليهم من الأحاديث والاخبار ، لكي يبقى مورد ثقة الناس واطمئنانهم . 3 - أن يفي بما يقطعه على نفسه من المواعيد ولا يضمر في نفسه خلفا لها . فإذا اتصف بهذه الخصال الثلاث فقد حصل في قبالها على أربعة : أن يكون كامل المروءة ، وعادلا ، وأخا لابد أن يضمر له الود والإخاء ، ولا يجوز لاحد أن يتكلم عنه بما لا يرضى .
[1] الأعراف 7 : 179 . [2] مستدرك الوسائل 11 : 187 ، الباب 6 من أبواب جهاد النفس ، الحديث الأول