قالت : لله درك يا بني ، ولكن المصلحة لبني عمك من ولد أبي طالب ما قلت لك ، فقال : ما يكون إلا ما تحبون ، ثم فكر في أمره وولاية محمد بن علي العهد ، فرأي أن القواعد تنخرم عليه ، وربما خرج الأمر من يد بنى العباس وبنى علي لسبب الاختلاف ، وإن في الأرض بقايا من بني أمية ، فربما وجدوا الفرصة في تفريق الكلمة ، وإثارة الفتنة ، فجلس لبني العباس وجمعهم ودعى بحلة سوداء فلبسها وترك الخضرة ، ولبس الناس كذلك ، فلم تلبس الخضرة ببغداد سوى ثمانية أيام . [1] قال الحافظ القندزي : [2] ذكرا بن مسكويه صاحب التاريخ في كتابه نديم الفريد : إن المأمون كتب إلى بنى العباس ولفظه : فقد عرف أمير المؤمنين كتابكم أما بعد إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم على فترة من الرسل ، وكان أول من آمن به خديجة بنت خويلد ، ثم آمن به علي بن أبي طالب وله سبع سنين لم يكفر بالله شيئا ولم يشاكل الجاهلية في جهالاتهم ، وأبوه أبو طالب فإنه كفل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحبه ورباه ، ولم يزل مدافعا عنه ما يؤذيه ومانعا منه . فلما قبض حكم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم القوم ليقتلوه ، فهاجر إلى المدينة إلى القوم الأنصار ، ولم يقم معه صلى الله عليه وآله أحد كقيام علي بن أبي طالب ، فإنه وقاه بنفسه . ونام في مضجعه ، ولا يولى على جيش إلا تأمر على الجيش ، ولا تأمر عليه أحدا ، وهو أشدهم وطأة على المشركين ، وأعظمهم جهادا في الله ، وأفقههم في دين الله ، وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم وفاتح خيبر وقاتل عمرو بن عبد ود . وأخو النبي صلى الله عليه وآله حين آخا بينا لمسلمين وهو صاحب الآية ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) هو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله لما كفله
[1] تذكرة الخواص : 200 . [2] قندز معرب ( كهن دژ ) بلد بطخارستان بين بلخ وبدخشان بينه وبين نهر جيحون نحو فرسخين وقد وردته عام 1387 وأقمت به أياما .