responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 25


خراب ، ومالها - وإن اغتر بها الجاهل - إلى ذهاب ، ومن خاض الماء الغمر [1] لا يجزع من بلل ، كما أن من دخل بين الصفين لا يخلو من وجل ، ومن العجب من أدخل يده في فم الأفاعي كيف ينكر اللسع ، وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر النفع !
وما أحسن قول بعض الفضلاء [2] في مرثية ابنه :
طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الأقذاء والأكدار ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني البناء على شفير هار وقال بعض العارفين : ينبغي لمن نزلت به مصيبة أن يسهلها على نفسه ، ولا يغفل عن تذكر ما يعقبه من وجوب الفناء وتقضي المسار ، وأن الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، يجمعها من لا عقل له ، ويسعى لها من لا ثقة له ، وفيها يعادي من لا علم له ، وعليها يحسد من الفقه له ، من صخ فيها سقم ، ومن سقم فيها برم ، ومن افتقر فيها حزن ، ومن استغنى فيها فتن .
واعلم أنك قد خلقت في هذه الدار لغرض خاص ، لأن الله تعالى منزه عن العبث ، وقد قال الله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [3] وقد جعلها مكتسبا لدار القرار ، وجعل بضاعتها الأعمال الصالحة ، ووقتها العمر ، وهو قصير جدا بالنظر إلى ما يطلب من السعادة الأبدية ، التي لا انقضاء لها .
فإن اشتغلت بها ، واستيقظت استيقاظ الرجال ، واهتممت بشأنك اهتمام الأبدال ، رجوت أن تنال نصيبك منها ، فلا تضيع عمرك في الاهتمام بغير ما خلقت له ، يضيع وقتك ، ويذهب عمرك بلا فائدة ، فإن الغائب لا يعود ، والميت لا يرجع ، وتفوتك



[1] الغمر : بفتح الغين وسكون الميم : الكثير .
[2] هو علي بن محمد بن نهد التهامي ، أبو الحسن ، شاعر مشهور من أهل تهامة ، زار الشام والعراق ، وولي خطابة الرملة ، ثم رحل إلى مصر ، متخفيا ، فعلمت به حكومة مصر ، فاعتقل وحبس في دار البنود ، ثم قتل سرا في سجنه سنة 416 ه‌ ، قال ابن خلكان : له مرثية في ولده ، وكان قد مات صغيرا ، وهي في غاية الحسن . ويقال : إن بعض أصحابه رآه في النوم بعد موته . فقال له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي ، فقال : بأي الاعمال ؟ فقال : بقولي في مرثية ولدي الصغير : جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري انظر ( وفيات الأعيان 3 : 378 / 471 ، الأعلام للزركلي 4 : 327 ) .
[3] الذاريات 51 : 56 .

نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست