responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 18


مهجة الألباب ، ولهذا رتب على فراقه جزيل الثواب ، ووعد أبواه شفاعته فيهما يوم المآب .
فلذلك جمعت في هذه الرسالة جملة من الآثار النبوية ، وأحوال أهل الكمالات العلية ، ونبذة من التنبيهات الجلية ، ما ينجلي به - إن شاء الله تعالى - الصدأ عن قلوب المحزونين ، وتنكشف به الغمة عن المكروبين ، بل تبهج به نفوس العارفين ، ويستيقظ من اعتبره من سنة الغافلين ، وسميتها ( مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد ) ورتبتها على مقدمة ، وأبواب ، وخاتمة .
أما المقدمة : فاعلم أنه ثبت أن العقل هو الآلة التي بها عرف الله [1] سبحانه ، وحصل به تصديق الرسل والتزام الشرائع ، وأنه المحرض على طلب الفضائل ، والمخوف من الاتصاف بالرذائل ، فهو مدبر أمر الدارين ، وسبب لحصول الرئاستين ، ومثله كالنور في الظلمة ، فقد يقل عند قوم ، فيكون كعين الأعشى [2] ، ويزيد عند آخرين ، فيكون كالنهار في وقت الضحى .
فينبغي لمن رزق العقل أن لا يخالفه فيما يراه ، ولا يخلد [3] إلى متابعة غفلته وهواه ، بل يجعله حاكما له وعليه ، ويراجعه فيما ير شده إليه ، فيكشف له حينئذ ما يوجب الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى ، سيما فيما نزل به من هذا الفراق ، من وجوه كثيرة ، نذكر بعضها :
الأول : إنك إذا نظرت إلى عدل الله وحكمته ، وتمام فضله ورحمته ، وكمال عنايته ببريته ، إذ أخرجهم إلى الوجود من العدم [4] ، وأسبغ عليهم جلائل النعم ، وأيدهم بالألطاف ، وأمدهم بجزيل المعونة والإسعاف ، كل ذلك ليأخذوا حظهم من السعادة الأبدية والكرامة السرمدية ، لا لحاجة منه إليهم ، ولا لاعتماد في شئ من أمره عليهم ، لأنه الغني المطلق ، والجواد المحقق .
وكلفهم بالتكاليف الشاقة ، والأعمال الثقيلة ، ليأخذوا منه حظا وأملا وليبلوهم أيهم أحسن عملا ، وما فعل ذلك إلا لغاية منفعتهم ، وتمام مصلحتهم ، وأرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين ، وأنزل عليهم الكتب ، وأودعها ما فيه بلاغ للعالمين .



[1] في نسخة ( د ) : الإله .
[2] الأعشى : الذي لا يبصر بالليل ، ويبصر في النهار فقط ( الصحاح - عشا - 6 : 2427 ) .
[3] في نسخة ( ش ) : يخلل .
[4] في ( ح ) : من العدم إلى الوجود .

نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست