* ( مستدرك السفينة ) * ثم إني بحمد الله تعالى ومنه وتوفيقه ، كثيرا ما كنت مشتغلا بالنظر في الآيات والروايات المباركة ، مستقيا من مناهلها العذبة ، صارفا عمري في التعمق والاقتباس من أنوار الأخبار ، الصادرة عن الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم ، وألفت في أثناء ذلك كتبا في الفقه ، والأصول ، والرجال ، وغيرها . ومن الكتب التي طالعتها كثيرا ، ونظرت إليها ، وكنت بها خبيرا بصيرا ، واجتنيت من فنونها وثمراتها جما غفيرا وفيرا ، ذلك الكتاب المذكور ( سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار ) فرأيته كتابا ظريفا ، نفيسا شريفا ، مدينة للحكم والآثار ، وخزينة لجواهر الأخبار ، لم يسبق بمثله ، ولم ينسج على نوله ، وناهيك به خبرا عيانه ولا يحتاج إلى الإسهاب في بيانه . لكن فيه مع سعة مطالبه الطريفة ، ودرره الظريفة ، فات عن الشيخ المؤلف ذكر كثير من مطالب البحار . بل وكثير من عناوين الأبواب ، وموضوعات الأخبار ، كان ينبغي له ذكره ، تتميما لمقاصده ، وتكميلا لفوائده ، وتنظيما لفرائده ، وتوصلا إلى أعالي فدافده ، فهو ( رحمه الله ) في ذلك ، كالغواص في البحار الذي يغوص لينال ما قصد من اللئالي والدرر فيفوت عنه ما عن يمينه وشماله . ونحن في أثناء الفحص والتنقير عثرنا على جملة وافرة من ذلك ، ومطالب فاخرة على حياله . فرأيت أن الأحسن استقصاء ما فات من نظره الشريف . فشرعت في مراجعة البحار من البدء إلى الختم ، أسانيده وأخباره ، ومطالبه ، وآثاره ، مجدا في أمري ، متعبا نفسي في ليلي ونهاري ، باذلا قوتي وقدرتي في ذلك ما استطعت . وما توفيقي إلا بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فجمعناها ، وألفناها في أجزاء . فجاءت بحمد الله وتوفيقه ، كتابا حاويا ، وسفرا كاملا ، مستدركا لما فات عنه ولنسمه الآن : مستدرك السفينة . ولنكن ناهجين منهاج صاحب السفينة ، سالكين طريق ملك المدينة ، غير متعدين عن نهجه وسبيله .