يا نفس : ومن العجب أنك تبذلي الهدايا الجزيلة ، والتحف النبيلة ، من الملابس والمطاعم ، مما تستحسنه الأكابر والأعاظم : من برد يمني ، أو ديباج رومي ، أو خز سوسي ، أو حرير صيني ، أو جوخ [1] نبطي ، أو صوف قبرصي ، أو بساط أرمني ، أو سكر أهوازي ، أو عسل أصفهاني ، أو شهد كسرواني ، أو مسك نبني ، أو عنب شجري ، أو عود صندلي ، لتبتغي بذلك جزاه ، وزيادة الأبهية [2] والجاه ، وليس فعلك ذلك لله ، ثم قد تذهب هديتك عليك مجانا [3] ، ولا ترين من المهدي إليه إحسانا ، وأنت مع ذلك لا تهدين إلى المسكين والفقير ، ولا تجبرين قلب الحزين الكسير ، ولا تلفين إلى اللطيف الخبير ، بل لو دعاك الفقير إلى مائدته لأبيت ، ولو دعاك الغني لبيت ، وقد يحسن لك هديتك في إحسانه أكثر ، ومنته عليك عند الناس أكبر ، هذا مع خلوك من الثواب الجزيل ، والأجر النبيل ، وكونه سبحانه يحاسبك على هديتك على القليل والكثير ، ويناقشك على الفتيل [4] والنقير ، وتحملين وزر هديتك على قفاك ، لأنك لم تجعليه لله الذي خلقك فسواك ، فبالله إلا ما اشتريت نفسك من العذاب المهين ، بالاحسان إلى الفقير والمسكين ، واذكري ( يوم يتذكر الانسان ما سعى * وبرزت الجحيم لمن يرى * فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة
[1] في ب : أو جوج . [2] أي : العظمة والكبرياء . مجمع البحرين 6 : 339 أبه . [3] بالتشديد أي : بلا بدل مجمع البحرين 6 : 314 مجن . [4] وهو : قشر يكون في بطن النواة ، وهو مثل للقلة . مجمع البحرين 5 : 439 فتل .