يا نفس : طوبى لمن راقب ربه ، وخاف ذنبه ، وشغل بالفكر قلبه ، وطوبى لمن أطاعت نفسه ناصحا يهديه ، وتجنبت غاويا يرديه [1] ، قصر همته على ما يعنيه ، وجعل كل جده لما ينجيه ، وطوبى لمن بادر أجله ، وأخلص عمله ، وقصر أمله ، واغتنم مهله ، وطوبى لمن كذب مناه وأخرب دنياه لعمارة أخراه ، وملك هواه ولم يملكه ، وعصى أمر نفسه فلم تهلكه ، وطوبى لمن تحلى بالعفاف ، ورضي بالكفاف ، وتجنب الإسراف ، وندم على زلته ، واستدرك فارط عثرته ، وطوبى لمن بادر الهدى قبل أن تغلق أبوابه ، والعمل الصالح قبل أن تنقطع أسبابه . يا نفس : طلب الجمع بين الدنيا والآخرة من خداع النفس ، وطالب الخير بعمل الشر فاسد العقل والحس ، وطالب الدنيا بالدين معاقب مذموم وضلالة [2] ، وطالب المراتب والدرجات بغير عمل جهالة ، وطلب الجنة بلا عمل حمق ، وطلب الثناء بغير استحقاق خرق [3] وطالب الآخرة يدرك منها أمله ، ويأتيه من الدنيا ما قدر له ، وطالب الدنيا تفوته الآخرة ، ولا يدرك من الدنيا إلا الصفقة الخاسرة .
[1] في أ : وطوبى لمن أطاع ناصحا يهديه وتجنب غاويا يرديه . [2] في أ : ذو ضلالة . [3] في أ : الخرق بالضم : خلاف الرفق ، ورجل خرق أي أحمق ، قاله المطرزي .