عرق جبينك ، وتتابع حنينك [1] ، وأطبقت جفونك ، وصدقت ظنونك ، وتلجلج لسانك ، وبكى إخوانك ، ثم حل بك أمر القضاء ، ونزعت نفسك من الأعضاء ، ثم غسلت وكفنت ، ثم بعد ذلك دفنت ، وبقيت مرتهنة بأعمالك ، وانصرف وراثك [2] إلى مالك ، ، وانصرفت إما إلى رضوان أو إلى مالك . يا نفس : فهلمي إلى محاسبة نفسك قبل مواثبة رمسك ، وتدارك يومك وأمسك قبل شهادة حواسك وفض طرسك ، وكوني من الله على وجل ، ولا تغتري بالأمل ونسيان الأجل ، وأن تخرجي بغير زاد ، وتقدمي على غير مهاد ، فتعظم ندامتك يوم قيامتك ، وتكثر حسرتك يوم كرتك ، وتغصي في ذلك المقام المهول بريقك ، وتصبحي شماتة عدوك ورحمة صديقك . يا نفس : قد خفقت فوق رأسك أجنحة الموت ، ورمقتك عن قريب أعين الفوت ، فأهملي عبراتك إذا ذكرت عثراتك ، وكيف يفرح بصحبة الدنيا صدرك ؟ وكيف يلتئم في غمراتها أمرك ، وقد دعاك باقتراب الأجل قبرك ؟ فهلا تنظرين إلى الذين مضوا نظرة ، أما لك بهم عبرة ، كيف أصبح جمعهم بورا ، وأملهم غرورا ، وخلفوا فرادى في أضيق المضاجع ، وصرعتهم المنايا في أعجب المصارع ،