رقدوا في مقابرهم فيها داخرون ، وخمدوا في مصائر يفضي إليها الأولون والآخرون ، فسمعا يا بني الأموات لداعي آبائكم سمعا ، وقطعا لبقاء رجائكم في الدنيا قطعا ، أسوة بمن كان من قبلكم من القرون من هو أشد منكم قوة وأكثر جمعا . يا نفس : إن قوارع [1] ، الأيام خاطبة فهل أذن لعظاتها واعية ؟ وإن فجائع الزبايا صائتة فهل نفس إلى التنزه عنها داعية ؟ وإن طوامع الآمال كاذبة فهل قدم إلى التجنب عنها ساعية ؟ فكيف تغفلين عن الاستقامة ولا بد من إدراكك ؟ ! وكيف تغترين بالسلامة ولا ريب في هلاكك ؟ ! فيا عجباه لمن تخرب الأيام عمره وهو يعمر دارا ، ويا رحمتاه لمن يوقن بحلول الموت به وهو يلذ قرارا . شعر : وما الدنيا بباقية لحي * ولا حي على الدنيا بباق يا نفس : استيقظي من غفلتك ، وانتبهي من رقدتك ، قبل أن يقال فلان عليل ، ومدنف [2] ، بخيل [3] ، فهل على الدواء من دليل ؟ أم هل إلى طبيب من سبيل ؟ ثم
[1] أي : دواهي . مجمع البحرين 4 : 376 قرع . [2] المدنف : المثقل في المرض . مجمع البحرين 5 : 59 دنف . [3] في ج ، د : ثقيل .