responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كنز الفوائد نویسنده : أبي الفتح الكراجكي    جلد : 1  صفحه : 222


ولا يزيله عن رتبته وعقله بل يكون فيما فعله حكيما وبدفع المضرة عنه عليما وكالقاضي الذي دخلت ذبابة في ثوبه وحصلت بينه وبين جسمه وهو بين شهوده وفي مجلس قضائه وحكمه فأزجرته بأذيتها وأقلقته بثقلها واخذ يتحرك لها أنواع الحركة ويتلوى منها إلى كل جهة ويكثر من توقفه واضطرابه ويطيل تطلعه في ثيابه والناس يشاهدون أفعاله ولا يعرفون فلما دام امرها وطال لبثها حسن منه النهوض عن مجلسه والخلو لازالتها بنفسه فالجاهل من سارع إلى سوء الظن به وقدم على استنقاصه في فعله والعاقل الذي يعلم أن أمرا قد دهمه وشيئا الجاه إلى ما ظهر منه واضطره ونحو هذا من الأفعال العجيبة والأحوال الطريفة الذي يتفق لذوي العقول السليمة والآراء الصحيحة فيقع منهم أكثر مما ذكرت وفوق ما وصفت ويكون الواجب تصويبهم فيه وان لم يعلم الأسباب الداعية لهم إليه ولقد اضطررت يوما إلى الحضور مع قوم من المتصوفين فلما ضمنا المجلس أخذوا فيما جرت به عادتهم من الغناء والرقص فاعتزلتهم إلى إحدى الجهات وانضاف إلى رجل من أهل الفضل والديانات فتحادثنا ذم الصوفية على ما يصنعون وفساد أغراضهم فيما يتأولوه وقبح ما يفعلون من الحركة والقيام وما يدخلون على أنفسهم في الرقص من الآلام فكان الرجل لقولي مصوبا وللقوم في فعلهم مخطئا ولم نزل كذلك إلى أن غنى مغني القوم هذه الأبيات * وما أم مكحول المدامع ترتعي * ترى الانس وحشا وهي تأنس بالوحش * غدت فارتعت ثم انثنت لرضاعه * فلم تلف شيئا من قوائمه الخمش * فطافت بذاك القاع ولهى فصادفت * سباع الفلا ينهشنه أيما نهش * بأوجع مني يوم ظلت أنامل * تودعني بالدر من شبك النقش * فلما سمع صاحبي نهض مسرعا مبادرا ففعل من القفز والرقص والبكاء واللطم وما يزيد على ما فعله من قبله ممن كان يخطئه ويستجهله واخذ يستعيد من الشعر ما لا يحسن استعادته ولا جرت عادتهم بالطرب على مثله وهو قوله * فطافت بذاك القاع ولهى * فصادفت سباع الفلا ينهشنه أيما نهش * ويفعل بنفسه ما حكيت ولا يسئل من غير هذا البيت حتى بلغ من نفسه المجهود ووقع كالمغشى عليه من الموت فحيرني ما رأيت من حاله واخذت أفكر في أفعاله

نام کتاب : كنز الفوائد نویسنده : أبي الفتح الكراجكي    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست