وسالم مولى أبي حذيفة [1] ، فقلت : أو لم يقتل سالم يوم اليمامة ؟ قال : بلى ، ولكن احتملناه وبه رمق . قال : فحدثني كل واحد منهما بمثله سواء ، لم يزد ولم ينقص أنهما قالا كما قال معاذ . كلام أبي بكر عند الموت قال أبان : قال سليم : فحدثت بحديث ابن غنم هذا كله محمد بن أبي بكر . فقال : اكتم علي ، وأشهد أن أبي عند موته قال مثل مقالتهم ، فقالت عائشة : إن أبي ليهجر كلام عمر عند الموت قال محمد : فلقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان فحدثته بما قال أبي عند موته وأخذت عليه العهد والميثاق ليكتمن علي . فقال لي ابن عمر : اكتم علي ، فوالله لقد قال أبي مثل مقالة أبيك ما زاد ولا نقص . [2] ثم تداركها عبد الله بن عمر وتخوف أن أخبر بذلك علي بن أبي طالب عليه السلام ، لما قد علم من حبي له وانقطاعي إليه ، فقال : إنما كان أبي يهجر توثيق أمير المؤمنين عليه السلام لهذا الحديث فأتيت [3] أمير المؤمنين عليه السلام فحدثته بما سمعت من أبي وبما حدثنيه ابن عمر عن أبيه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : قد حدثني بذلك عن أبيه وعن أبيك وعن أبي عبيدة وعن سالم وعن معاذ من هو أصدق منك ومن ابن عمر . فقلت : من هو ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : بعض من يحدثني . قال : فعلمت من عنى . فقلت : صدقت يا أمير المؤمنين ، إنما حسبت إنسانا حدثك ، وما شهد أبي - وهو يقول هذا - غيري . [4]
[1] . مات أبو عبيدة في سنة 18 الهجرية في مدينة حمص بالشام ، وقتل سالم في سنة 12 في وقعة اليمامة . [2] . راجع عن كلام عبد الله بن عمر عن أبيه : الحديث 11 من هذا الكتاب . [3] . هذا من كلام محمد بن أبي بكر . [4] . معناه : إني ظننت أولا أن الذي أخبرك عما جرى كان شخصا من الأشخاص ، وحيث لم يكن عند قول أبي في ساعات موته أحدا غيري وأنت قلت ( بعض من يحدثني ) علمت أن الذي أخبرك لم يكن من البشر .