فأخبر بذلك . فوقف فيمن يليهم من أصحابه ثم قال لهم : ( انهضوا إليهم وعليكم السكينة وسيماء الصالحين ووقار الإسلام . إن أقربنا من الجهل بالله والجرأة عليه والاغترار لقوم رئيسهم معاوية وابن النابغة وأبو الأعور السلمي وابن أبي معيط شارب الخمر والمجلود الحد في الإسلام والطريد مروان ، وهم هؤلاء يقومون ويشتمون . وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام وهم يدعونني إلى عبادة الأوثان فالحمد لله قديما وحديثا على ما عاداني الفاسقون المنافقون . إن هذا الخطب لجليل ، إن فساقا منافقين كانوا عندنا غير مؤتمنين وعلى الإسلام متخوفين ، خدعوا شطر هذه الأمة وأشربوا قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أهوائهم إلى الباطل . فقد نصبوا لنا الحرب وجدوا في إطفاء نور الله ، والله متم نوره ولو كره الكافرون ) . ثم حرض عليهم وقال : ( إن هؤلاء لا يزالون عن موقفهم هذا دون طعن دراك [1] تطير منه القلوب ، وضرب يفلق الهام وتطيح منه الأنوف والعظام وتسقط منه المعاصم ، وحتى تقرع جباههم بعمد الحديد وتنشر حواجبهم على صدورهم والأذقان والنحور . أين أهل الدين ، طلاب الأجر ) ؟ حملة محمد بن الحنفية بأربعة آلاف على عسكر معاوية فثارت عليه عصابة نحو أربعة آلاف ، فدعا محمد بن الحنفية فقال : ( يا بني ، امش نحو هذه الراية مشيا وئيدا على هينتك [2] حتى إذا شرعت في صدورهم الأسنة فامسك
[1] . قوله ( دراك ) أي متواصل . [2] . أي بتمهل وتأني .