أنزل الله فيك . فإن وجدت أعوانا عليهم فجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك فإنك إن نابذتهم قتلوك ، وإن تبعوك وأطاعوك فاحملهم على الحق وإلا فدع ، وإن استجابوا لك ونابذوك فنابذهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك [1] واعلم أنك إن دعوتهم لم يستجيبوا لك فلا تدعن أن تجعل الحجة عليهم . إنك يا أخي لست مثلي ، إني قد أقمت حجتك وأظهرت لهم ما أنزل الله فيك وإنه لم يعلم أني رسول الله وأن حقي وطاعتي واجبان حتى أظهرت لك ، فإني كنت قد أظهرت حجتك وقمت بأمرك ، فإن سكت عنهم لم تأثم وإن حكمت ودعوت لم تأثم ، غير أني أحب أن تدعوهم وإن لم يستجيبوا لك ولم يقبلوا منك . ويتظاهر عليك ظلمة قريش ، فإني أخاف عليك إن ناهضت القوم ونابذتهم وجاهدتم من غير أن يكون معك فئة أعوان تقوي بهم أن يقتلوك فيطفأ نور الله ولا يعبد الله في الأرض ، والتقية من دين الله ولا دين لمن لا تقية له . وإن الله قد قضى الفرقة والاختلاف بين هذه الأمة ، ولو شاء لجمعهم على الهدى ولم يختلف اثنان منهم ولا من خلقه ولم يتنازع في شئ من أمره ولم يجحد المفضول ذا الفضل فضله ، ولو شاء عجل منهم النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره . والله جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار الثواب والعقاب ، ( ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) . [2] فقلت : شكرا لله على نعمائه وصبرا على بلائه وتسليما ورضى بقضائه .
[1] . المراد من قوله ( إن استجابوا لك ونابذوك فنابذهم . . . ) ، إن استجابوا لك ثم خالفوك فقم في وجوههم وذلك مثل أصحاب الجمل والنهروان . [2] . سورة النجم : الآية 31 .