بينكم وبين قيام الساعة إلا أنبأتكم بسائقها وقائدها وناعقها [1] ، وبخراب العرصات متى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة . فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن البلايا . فقال عليه السلام : إذا سأل سائل فليعقل وإذا سئل مسؤول فليلبث . إن من ورائكم أمورا ملتجة مجلجلة [2] وبلاء مكلحا مبلحا . [3] والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لو قد فقدتموني ونزلت عزائم الأمور وحقائق البلاء لقد أطرق كثير من السائلين واشتغل كثير من المسؤولين . وذلك إذا ظهرت حربكم ونصلت عن ناب وقامت عن ساق وصارت الدنيا بلاء عليكم حتى يفتح الله لبقية الأبرار . فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، حدثنا عن الفتن . فقال عليه السلام : إن الفتن إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت أسفرت . وإن الفتن لها موج كموج البحر وإعصار كإعصار الريح ، تصيب بلدا وتخطئ الآخر . فانظروا أقواما كانوا أصحاب الرايات يوم بدر فانصروهم تنصروا وتؤجروا وتعذروا . فتنة بني أمية أخوف الفتن ألا إن أخوف الفتن عليكم من بعدي فتنة بني أمية . إنها فتنة عمياء صماء مطبقة مظلمة ، عمت فتنتها وخصت بليتها . أصاب البلاء من أبصر فيها وأخطأ البلاء من عمي عنها . أهل باطلها ظاهرون على أهل حقها ، يملؤون الأرض بدعا وظلما وجورا . وأول من يضع جبروتها ويكسر عمودها وينزع أوتادها الله رب العالمين وقاصم الجبارين .
[1] . تشبيه بالراعي إذا نعق بغنمه أي صاح بها وزجرها . [2] . أي مضطربة مرددة . [3] . أي مفزعة معجزة .