المحدثون أربعة وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس : رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام ، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا . فلو علم المسلمون أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا : ( هذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، رآه وسمع منه وهو لا يكذب ولا يستحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ) . وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال الله عز وجل : ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ) [1] . ثم بقوا بعده وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والنفاق والبهتان ، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم من الدنيا . وإنما الناس مع الملوك في الدنيا إلا من عصم الله . فهذا أول الأربعة . ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا فلم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا وهو في يده يرويه ويعمل به ويقول : ( أنا سمعته من رسول الله ) . فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوا ، ولو علم هو أنه وهم فيه لرفضه . ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه نهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم ، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ . فلو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون أنه منسوخ إذ سمعوه لرفضوه . ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله بغضا للكذب وتخوفا من الله وتعظيما لرسوله صلى الله عليه وآله ولم يوهم ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه