* 2 * أمير المؤمنين عليه السلام يقيم الحجة على الأجيال قال سلمان : فلما أن كان الليل حمل علي عليه السلام فاطمة عليها السلام على حمار وأخذ بيدي ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام ، فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزله فذكرهم حقه ودعاهم إلى نصرته ، فما استجاب له منهم إلا أربعة وأربعون رجلا . فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رؤوسهم معهم سلاحهم ليبايعوا على الموت . فأصبحوا فلم يواف منهم أحد إلا أربعة . فقلت لسلمان : من الأربعة ؟ فقال : أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام . ثم أتاهم علي عليه السلام من الليلة المقبلة فناشدهم ، فقالوا : ( نصبحك بكرة ) فما منهم أحد أتاه غيرنا . ثم أتاهم الليلة الثالثة فما أتاه غيرنا . علي عليه السلام يجمع القرآن ويعرضه على الناس فلما رآى غدرهم وقلة وفائهم له لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه ، فلم يخرج من بيته حتى جمعه وكان في الصحف والشظاظ والأسيار والرقاع . [1] فلما جمعه كله وكتبه بيده على تنزيله وتأويله والناسخ منه والمنسوخ ، بعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع . فبعث إليه علي عليه السلام : ( إني لمشغول وقد آليت نفسي يمينا أن لا أرتدي رداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه ) . فسكتوا عنه أياما فجمعه في ثوب واحد وختمه ، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله . فنادى علي عليه السلام بأعلى صوته :
[1] . الأشظاظ بمعنى العيدان المتفرقة ، والأسيار جمع السير وهو قدة من الجلد مستطيلة .