مني بمنزلة هارون من موسى ، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه . فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك ، فإنك بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه . وإن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم : إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم ، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم . اختلاف الأمة امتحان إلهي يا علي ، ما بعث الله رسولا إلا وأسلم معه قوم طوعا وقوم آخرون كرها ، فسلط الله الذين أسلموا كرها على الذين أسلموا طوعا فقتلوهم ليكون أعظم لأجورهم . يا علي ، وإنه ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها ، وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة ، ولو شاء لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من خلقه ولا يتنازع في شئ من أمره ، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله . ولو شاء عجل النقمة فكان منه التغيير [1] حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره ، ولكن جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار ، ( ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) . [2] فقلت : الحمد لله شكرا على نعمائه وصبرا على بلائه وتسليما ورضى بقضائه .
[1] . أي لو شاء الله أن ينصر أوليائه لعجل النقمة على الظالمين وغير النعمة عليهم . [2] . سورة النجم : الآية 31 .