إن كتاب سليم بن قيس الهلالي العامري كتب لهذا النوع من الناس ، الذين عندهم أعصاب لتحمل سماع الحقائق التي تخالف الأفكار المألوفة ، التي تربى عليها الناس . ومن مقادير الله تعالى العجيبة أن يكون هذا المؤلف شابا نجديا من قبيلة بني هلال العوامر ، الذين ما زال قسم من عشيرتهم إلى عصرنا في المنطقة . على أي ، فهذا الشاب النجدي كان أول مؤلف في تاريخ الإسلام بعد المؤلفات التي أملاها النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام . فقد دخل سليم بن قيس إلى المدينة المنورة في أوائل خلافة عمر بن الخطاب ، وكان عمره سبعة عشر عاما ، وبدأ يسأل ويتتبع لكي يعرف ويفهم ، وبدأ يكتب ويدون ، مع أن تدوين الحديث كان جريمة يعاقب عليها صاحبها بالضرب والحبس والحرمان والعزل الاجتماعي ! ! ولكن سليما كان يجيد التحفظ والتقية ، وبذلك استطاع أن يكتب ويحافظ على كتابه ، واستمر على ذلك في خلافة عثمان وبعده طيلة 60 سنة من عمره المبارك . . . وحمله معه في تشريده من بلد إلى بلد ، وهروبه من سيف الحجاج . . . إلى أن ورثه لراويه أبان بن أبي عياش في سنة 76 الهجرية !