( 34 ) أخبار ليلة الهرير أشد مراحل حرب صفين قال أبان : سمعت سليم بن قيس يقول - وسألته ( 1 ) : هل شهدت صفين ؟ فقال : نعم . قلت : هل شهدت يوم الهرير ؟ قال : نعم . قلت : كم كان أتى عليك من السن ؟ قال : أربعون سنة . ( 2 ) قلت : فحدثني رحمك الله . قال : مهما نسيت من شئ من الأشياء فلا أنسى هذا الحديث . ثم بكى وقال : صفوا وصففنا ، فخرج مالك الأشتر على فرس له أدهم مجنب ( 3 ) وسلاحه معلق على فرسه وبيده الرمح وهو يقرع به رؤوسنا ويقول : ( أقيموا صفوفكم ) . فلما كتب الكتائب ( 4 ) وأقام الصفوف أقبل على فرسه حتى قام بين الصفين فولى أهل الشام ظهره وأقبل علينا بوجهه ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ، ثم قال : ( أما بعد ، فإنه كان من قضاء الله وقدره اجتماعنا في هذه البقعة من الأرض لآجال قد اقتربت وأمور تصرمت ، يسوسنا فيها سيد المسلمين وأمير المؤمنين
( 1 ) . أي وقد سألت سليما ، وسيأتي في موارد من هذا الحديث قوله : ( قال سليم ) . ويؤيد ذلك أن سليم كان حاضرا بصفين إلى آخرها كما هو صريح عدة أحاديث في هذا الكتاب . ( 2 ) . يستفاد من هذه العبارة أن سليما ولد بسنتين أو أربع سنين قبل الهجرة ، وذلك أن وقعة صفين بدئت في سنة 36 وانتهت في سنة 38 . فإذا كان عمر سليم آنذاك أربعون سنة يكون ميلاده إما بسنتين قبل الهجرة أو أربع سنوات . ( 3 ) . أي كان يقوده إلى جنبه ولم يركبه . ( 4 ) . كتب الكتائب أي هيأهم وجعلهم في فئات منظمة .