لأبي الحسن الأشعري في تكفير المتأولين متعارضة ، فالظاهر أنه قد تردد في ذلك . وروى عبد الجبار البيهقي الخوارزمي ، عن الإمام أحمد بن الحسين البيهقي ، عن أبي حارة العبدي ، عن الامام أبي علي زيد بن أحمد السرخسي ، أنه سمعه يقول : لما قرب حضور أجل الامام أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد دعاني وقال : أشهد علي أنني لا أكفر أحدا من أهل القبلة ، لأنهم يستوون إلى معبود واحد . وقال الإمام أبو الحسن أيضا في صدر كتاب المقالات : اختلف المسلمون في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم بعضا ، وتبرأ بعضهم من بعض ، الا أن الاسلام يشملهم ويعمهم ، ألا ترى كيف سماهم مسلمين وان كانوا مختلفين . وقال الإمام الشافعي : أقبل شهادة من قال بالوعيد والخوارج الا الخطابية ، وهم قوم يشهد يعضهم لبعض من غير تفرقة في المذهب ، ووافقهم الإمام أبو حنيفة في ذلك . وحكى القاضي عن أبي حازم عن المزني ، أنه كان يجعل أهل القبلة مع اختلافهم في مذاهبهم مسلمين ، وقال : نمنع عن تكفيرهم ، لأن المسائل التي اختلفوا فيها لطاف دقاق يدق النظر فيها . وقال امام الحرمين أبو المعالي الجويني في غياث الأمم : ان قيل لنا : فعلوا ما يقتضي التكفير وما يوجب التضليل والتبديع ، قلنا : هذا طمع عير مطمع ، فان هذا بعيد المدرك عزيز المسلك ، يشتمل من تيار بحار التوحيد ، ولم يحط علما بهيئات الحقائق ولم يحصل من التكفير على وثائق ، ولو أوغلت في جميع ما يتعلق بأذيال الكلام في هذا الباب لبلغ مجلدات ، ثم لا يبلغ الغايات . وقال الأنصاري في نكت الأدلة : سمعت الأستاذ أبا القاسم القشيري يقول : راجعت الأستاذ أبا بكر بن فورك في هذه المسألة مرارا ، فلم يحر جوابا ، وقال : حتى أنظر فإنه دين .