واستطالت وعظم شأنها ، وانخذل علي وفاطمة وقهرا ، وأخذت فدك وخرجت فاطمة تجادل في ذلك مرارا فلم تظفر بشئ ، وفي كل ذلك تبلغها النساء والداخلات والخارجات عن عائشة كل كلام يسوئها ، ويبلغن عائشة عنها وعن بعلها مثل ذلك ، الا أنه شتان ما بين الحالين ، وبعد ما بين الفريقين ، هذه غالبة وهذه مغلوبة ، وهذه آمرة وهذه مأمورة ، وظهر التشفي والشماتة ، ولا شئ أعظم مرارة ومشقة من شماتة العدو . فقلت له رحمه الله : أفتقول أنت : ان عائشة عينت أباها للصلاة ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يعينه ؟ فقال : أما أنا ، فلا أقول ذلك ، ولكن عليا عليه السلام كان يقوله ، وتكليفي غير تكليفه ، كان حاضرا ولم أكن حاضرا ، فأنا محجوج بالأخبار التي اتصلت بي ، وهي تتضمن تعيين النبي عليه السلام لأبي بكر في الصلاة ، وهو محجوج بما كان قد علمه ، أو يغلب على ظنه من الحال التي كان حضرها . قال : ثم ماتت فاطمة عليها السلام ، فجاءت نساء رسول الله صلى الله عليه وآله كلهن إلى بني هاشم في العزاء الا عائشة ، فإنها لم تأت وأظهرت مرضا ، ونقل إلى علي عليه السلام عنها كلام يدل على السرور . ثم بايع علي عليه السلام أباها ، فسرت بذلك وأظهرت من الاستبشار بتمام النعمة واستقرار الخلافة ، وبطلان منازعة الخصم ما قد نقله الناقلون فأكثروا ، واستمرت الأمور على هذا مدة خلافة أبيها وخلافة عمر وعثمان ، والقلوب تغلي والأحقاد تذيب الحجارة . وكلما طال الزمان على علي عليه السلام تضاعفت همومه وغمومه ، وباح بما في نفسه ، إلى أن قتل عثمان ، وقد كانت عائشة أشد الناس عليه تأليبا وتحريضا ، فقالت : أبعده الله ، لما سمعت قتله ، وأملت أن تكون الخلافة في طلحة ، فتعود الامرة تيمية كما كانت أولا ، فعدل الناس عنه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، فلما سمعت ذلك صرخت