يده ، وكان ذلك كشفا محسا بالبصر ، لا يتهيأ للمنافقين أن يقولوا فيه ما قالوه في القرآن المنزل ببراءة عائشة ، وكل ذلك مما كان يوغر صدر عائشة عليه ، ويؤكد ما في نفسها منه . ثم مات إبراهيم ، فأبطنت شماته وان أظهرت كآبة ، ووجم علي عليه السلام من ذلك وكذلك فاطمة ، وكانا يؤثران ويريدان أن تتميز ما رية عليها بالولد ، فلم يقدر لهما ولا لمارية ذلك . وبقيت الأمور على ما هي عليه وفي النفوس ما فيها ، حتى مرض رسول الله صلى الله عليه وآله المرض الذي توفي فيه ، فكانت فاطمة وعلي يريدان أن يمرضاه في بيتهما ، وكذلك كان أزواجه كلهن ، فمال إلى بيت عائشة بمقتضى المحبة القلبية التي كانت لها دون نسائه ، وكره أن يزاحم فاطمة وبعلها في بيتهما ، فلا يكون عنده من الانبساط لوجودهما ما يكون إذا خلى بنفسه في بيت من يميل إليه بطبعه ، وعلم أن المريض يحتاج إلى فضل مداراة ونوم ويقظة وانكشاف وخروج حدث ، فكانت نفسه إلى بيته أسكن منها إلى بيت صهره وبنته ، فإنه إذا تصور حياء هما منه استحيا هو أيضا منهما ، وكل أحد يحب أن يخلو بنفسه ، ويحتشم الصهر والبنت ، ولم يكن له إلى غيرها من الزوجات مثل ذلك الميل إليها ، فتمرض في بيتها ، فغبطت على ذلك . ولم يمرض رسول الله صلى الله عليه وآله منذ قدم المدينة مثل هذا المرض ، وإنما كان مرضه الشقيقة يوما أو بعض يوم ثم يبرأ ، فتطاول هذا المرض ، وكان علي عليه السلام لا يشك أن الأمر له ، وأنه لا ينازعه فيه أحد من الناس . ثم قال بعد كلام : فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله أنفذ جيش أسامة ، وجعل فيه أبا بكر وغيره من أعلام المهاجرين والأنصار ، فكان علي عليه السلام حينئذ بوصوله إلى الأمر - ان حدث برسول الله صلى الله عليه وآله حدث - أوثق ، وتغلب على ظنه أن المدينة لو مات لخلت من منازع ينازعه الأمر بالكلية ، فيأخذه صفوا عفوا وتتم له البيعة ، فلا يتهيأ فسخها لو رام ضد منازعته عليها ، فكان من عود أبي بكر من جيش أسامة