وغابت عن أبصارنا ، وعاد إلى حاله ، فرمنا [1] أن ينفتح لنا قفل الباب ، فلم ينفتح ، فعلمنا أن ذلك من أمر الله تعالى ، ثم خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . ثم قالت : اني فضلت على من [2] تقدمني من النساء ، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه الا اضطرارا ، وان مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا ، واني دخلت بيت الله الحرام ، فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها ، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف : يا فاطمة سميه عليا فهو علي ، والله العلي الأعلى يقول : شققت [3] اسمه من اسمي ، وأدبته بأدبي ، وأوقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي ، وهو الذي يؤذن فوق بيتي ، ويقدسني ، ويمجدني ، فطوبى لمن أحبه وأطاعه ، وويل لمن أبغضه وعصاه . قالت : فولدت عليا ولرسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثون سنة ، فأحبه رسول الله صلى الله عليه وآله حبا شديدا ، وقال لها : اجعلي مهده بقرب فراشي ، وكان صلى الله عليه وآله يلي أكثر تربيته ، وكان يطهر عليا في غسله ، ويوجره اللبن عند شربه ، ويحرك مهده عند نومه ، ويناغيه [4] في وقت يقظته ، ويحمله على صدره ورقبته ويقول : هذا أخي ، ووليي ، وناصري ، وصفيي ، وذخري ، وكهفي ، وصهري ، ووصيي ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيتي وخليفتي ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحمله دائما ، ويطوف به جبال مكة
[1] في الاحقاق : فعزمنا . [2] في ( ن وق ) : على النساء من . [3] في الكشف : اشتققت . [4] المناغاة ، تكليمك الصبي بما يهوي من الكلام ، والمرأة تناغي الصبي أي : تكلمه بما يعجبه ويسره . لسان العرب .