قال ذو الكلاع : ويلك علام تمنى ذلك منا ؟ فوالله ما قطعتك فيما بيني وبينك قط ، وان رحمك لقريبة ، وما يسرني أن أقتلك . قال أبو نوح : ان الله قطع بالاسلام أرحاما قريبة ، ووصل به أرحاما متباعدة ، واني أقاتلك وأصحابك لأنا على الحق وأنتم على الباطل . قال ذو الكلاع : فهل تستطيع أن تأتي معي صف أهل الشام فأنا لك جار منهم حتى تلقي عمرو بن العاص ، فتخبره بحال عمار وجده في قتالنا لعله يكون صلح بين هذين الجندين ؟ . قال ابن أبي الحديد : قلت : وا عجباه من قوم يعتريهم الشك في أمرهم لمكان عمار ، ولا يعتريهم الشك لمكان علي عليه السلام ، ويستدلون على أن الحق مع أهل العراق بكون عمار بين أظهرهم ، ولا يعبؤون بمكان علي عليه السلام ، ويحذرون من قول النبي صلى الله عليه وآله ( تقتلك الفئة الباغية ) ويرتاعون لذلك ، ولا يرتاعون لقوله صلى الله عليه وآله ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) ولا لقوله ( لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق ) وهذا يدلك على أن عليا عليه السلام اجتهدت قريش كلها من مبدأ الأمر في اخمال ذكره ، وستر فضائله ، وتغطئة خصائصه ، حتى محي فضله ومرتبته من صدور الناس كافة الا قليلا منهم . ثم قال : قال نصر : فقال له أبو نوح : انك رجل غادر ، وأنت في قوم غدر ، وان لم ترد الغدر أغدروك ، واني لا أموت أحب إلي من أن أدخل مع معاوية ، فقال ذو الكلاع : أنا جار لك من ذلك ، أن لا تقتل ولا تسلب ولا تكره على بيعته ، ولا تحبس عن جندك ، وإنما هي كلمة تبلغها عمرو بن العاص ، لعل الله أن يصلح بذلك بين هذين الجندين ، ويضع عنهم الحرب . فقال أبو نوح : اني أخاف غدراتك وغدرات أصحابك ، فقال ذو الكلاع : أنا لك بما قلت زعيم ، قال أبو نوح ، اللهم انك ترى ما أعطاني ذو الكلاع ، وأنت تعلم ما في