فقال : أما أنت يا زبير فوعق لقس [1] ، مؤمن الرضا كافر الغضب ، يوما انسان ويوما شيطان ، ولعلها لو أفضت إليك ظلت تلاطم بالبطحاء على مد من شعير ، فان أفضت إليك فليت شعري من يكون للناس يوم تكون شيطانا ، ومن يكون يوم تغضب إماما ، وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمة وأنت على هذه الصفة . ثم أقبل على طلحة وكان له مغضبا منذ قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في عمر ، فقال له : أقول أم أسكت ؟ قال : قل فإنك لا تقول من الخير شيئا ، قال : أما اني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد وائيا [2] بالذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله ساخطا عليك للكلمة التي قلتها يوم أنزلت آية الحجاب . قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ : الكلمة المذكورة أن طلحة لما أنزلت آية الحجاب ، قال بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله : ما الذي يعنيه حجابهن اليوم وسيموت غدا فننكحهن . قال أبو عثمان أيضا : لو قال قائل لعمر : أنت قلت إن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وهو راض عن الستة ، فكيف تقول الان لطلحة انه مات عليه السلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها ، لكان قد رماه بمناقضة [3] ، ولكن من الذي يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا ، فكيف هذا ! قال : ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص ، فقال : إنما أنت صاحب مقنب [4] من هذه المقانب ، تقاتل به ، وصاحب قنص وقوس وأسهم ، وما زهرة [5] والخلافة
[1] الوعق : الضجر المتبرم . واللقس : من لا يستقيم على وجه . [2] وائيا : غاضبا . [3] في الشرح : بمشاقصه . جمع مشقص وهو نصل السهم إذا كان طويلا . [4] المقنب : جماعة الخيل . [5] زهرة : قبيلة سعد بن أبي وقاص .