وعلى نحو هذا حمل كلامه في صلح الحديبية لما قال للنبي صلى الله عليه وآله : ألم تقل لنا ستدخلونها ، في ألفاظ نكره حكايتها ، حتى شكاه النبي صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر ، وحتى قال له أبو بكر : ألزم بغرزه فوالله انه لرسول الله . وعمر هو الذي غلظ على جبلة بن الأيهم حتى اضطره إلى مفارقة دار الهجرة بل مفارقة بلاد الاسلام كلها ، وعاد مرتدا داخلا في دين النصرانية ، لأجل لطمة لطمها وقال : جبلة بعد ارتداده متندما على ما فعل : تنصرت الأشراف من أجل لطمة * وما كان فيها لو صبرت لها ضرر فياليت أمي لم تلدني وليتني * رجعت إلى القول الذي قاله عمر انتهى كلامه [1] . انظر أيها اللبيب إلى هذا الرجل كيف أنطقه الله تعالى بذكر معائب امامه ، وسخره في بيان مثالب خليفته ، وغرضه من الإقرار أن يزيل عن عمر الكفر والزندقة ، ولكن ما ذكره في نظر اللبيب تأكيد لكفره وزندقته . العجب كل العجب من هؤلاء كيف يجمعون بين الاقرار بهذه القبائح لأئمتهم وبين الاقرار بإمامتهم ، أعاذنا الله تعالى من اتباع الهوى والتقليد ، وجنبنا بعصمته من عذابه الشديد . وحكاية الحديبية لغاية قبحها استحى أن يذكرها ، فها نحن نذكرها ، وقد رواه عبد الله بن عباس ، وجابر ، وسهل بن حنيف ، وأبو وائل ، والقاضي عبد الجبار ، وأبو مسلم الأصفهاني ، ويوسف القزويني ، والثعلبي ، والطبري ، والواقدي ، والزهري ، والبخاري ، وقد ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين من مسند المسور بن مخرمة ، في حديث الصلح بين سهيل بن عمرو وبين النبي صلى الله عليه وآله .