يكتمون ما أنزلنا من البينات [1] وخرجا بعنادهما عن دائرة الثقات . والعجب كل العجب أنهما تركا كثيرا من معائب أئمتهم ، خوفا من اتضاع قدرهم ، ولم يتركا ذكر الروايات الموضوعة في معائب الأنبياء . ففي الحديث التاسع والثمانين بعد المائة من المتفق عليه من الجمع بين الصحيحين ، عن النبي صلى الله عليه وآله : أن موسى عليه السلام لطم ملك الموت على عينيه ، فقلعها لما جاء لقبضه [2] . وفي الحديث الحادي عشر منه بعد المائتين : أن إبراهيم عليه السلام لما تطلب الخلق منه الشفاعة يقول : كذبت ثلاث كذبات ، اذهبوا إلى غيري [3] . ونحوه في السابع والعشرين بعد المائتين . ولو أن أحدا نقل عن شيخهم كذبا ، لطعنوا في روايته ، وسارعوا إلى تكذيبه ، أفما كان للأنبياء أسوة بالشيخين ؟ ومما يدل على ما قلناه من عدم الاعتماد على رواتهم وفقهائهم ، ما ذكره ابن أبي الحديد من علماء الجمهور في شرحه على نهج البلاغة ، قال : ذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام ، تقتضي الطعن فيه ، والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم : أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير . وروى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه ، قال : حدثتني عائشة ، قالت : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل العباس وعلي ، فقال : يا عائشة ان هذين يموتان على غير ملتي ، أو قال : ديني . وروى عبد الرزاق عن معمر ، قال : كان عند الزهري حديثان عن عروة عن
[1] البقرة : 159 . [2] صحيح مسلم 4 : 1842 . [3] صحيح مسلم 1 : 185 .