هذه جملة ما يتعلق به القائلون بالنصوص ، ثم تأولوا وقالوا : إذ لو كان علي أول الخلفاء لا نسحب عليهم ذيل الفناء ، ولم يأتوا بفتوح ولا مناقب ، ولا يقدح في كونه رابعا للخلفاء ، كما لا يقدح في نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان آخرا . والذين عدلوا عن هذه الطريقة زعموا أن هذا تعلق فاسد جاء على زعمكم وأهويتكم ، وقد وقع الميراث في الأحكام والخلافة ، مثل داود وسليمان وزكريا ويحيى ، قالوا : كان لأزواجه ثمن الخلافة فبهذا تعلقوا . وهذا باطل ، إذ لو كان ميراثا لكان العباس أولى . لكن أسفرت الحجة وجهها ، وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خم باتفاق الجميع ، وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى ، فهذا تسليم ورضا وتحكيم . ثم بعد هذا غلب الهوى بحب الرئاسة ، وحمل عمود الخلافة وعقود البنود ، وخفقان الهوى ، في قعقعة الرايات ، واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار ، سقاهم كأس الهوى ، فعادوا إلى الخلاف الأول ، فنبذوه وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون . ولما مات رسول الله صلى الله عليه وآله قال وقت وفاته : إيتوني بدواة وبياض لا زيل عنكم اشكال لأمر ، وأذكر لكم من المستحق لها بعدي ؟ قال عمر : دعوا الرجل فإنه ليهجر وقيل ليهذر . فاذن بطل تعلقكم بتأويل النصوص ، فعدتم إلى الاجماع ، وهذا منقوض أيضا ، فان العباس وأولاده وعليا عليه السلام وزوجته لم يحضروا حلقة البيعة ، وخالفكم أصحاب السقيفة في مبايعة الخزرجي ، ودخل محمد بن أبي بكر على أبيه في مرض موته ، فقال : يا بني ائت بعمك عمر لأوصي له بالخلافة ، فقال : يا أبت أكنت على حق أو باطل ؟ فقال : على حق ، فقال : أوص بها لأولادك إن كان حقا أولى فقد مكنتها بك لسواك ، ثم خرج إلى علي وجرى ما جرى .