نفسه فأمسك [1] . ومما يدل أيضا على ما ادعيناه : ما نقله ابن أبي الحديد في الجزء التاسع من شرحه ، عن الواقدي في كتاب الشورى ، عن ابن عباس رحمه الله قال : شهدت عتاب عثمان لعلي عليه السلام ، فقال له في بعض ما قاله : نشدتك الله أن تفتح للفرقة بابا ، فلعهدي بك وأنت تطيع عتيقا وابن الخطاب طاعتك لرسول الله صلى الله عليه وآله ولست بدون واحد منهما ، وأنا أمس بك رحما ، وأقرب إليك صهرا ، فان كنت تزعم أن هذا الأمر جعله رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رأيناك حين توفي نازعت ثم أقررت ، فان كانا لم يركبا من الأمر جددا ، فكيف أذعنت لهما بالبيعة وبخعت بالطاعة ؟ وان كانا أحسنا فيما وليا ، ولم اقصر عنهما في ديني وحسبي وقرابتي ، فكن لي كما كنت لهما . فقال علي عليه السلام : أما الفرقة فمعاذ الله أن أفتح لها بابا ، واسهل إليها سبيلا ، ولكني أنهاك عما ينهاك الله ورسوله عنه ، وأهديك إلى رشدك . وأما عتيق وابن الخطاب ، فان كانا أخذا ما جعله رسول الله صلى الله عليه وآله لي ، فأنت أعلم بذلك والمسلمون ، ومالي ولهذا الأمر وقد تركته منذ حين . فأما ألا يكون حقي بل المسلمون فيه شرع ، فقد أصاب السهم الثغرة . وأما أن يكون حقي دونهم ، فقد تركته لهم ، طبت به نفسا ، ونفضت يدي عنه استصلاحا . وأما التسوية بينك وبينهما ، فلست كأحدهما انهما وليا هذا الأمر ، فظلفا أنفسهما [2] وأهلهما عنه ، وعمت فيه وقومك عوم السابح في اللجة ، فارجع إلى الله أبا عمرو ، وانظر هل بقي من عمرك الا كظمء الحمار ، فحتى متى والى متى ، ألا تنهي سفهاء بني أمية عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم ، والله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس ، لكان إثمه مشتركا بينه وبينك .
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 : 20 - 21 . [2] أي : كفا أنفسهما .