أنتم والله أحرص وأبعد ، وأنا أخص وأقرب ، وإنما طلبت حقا لي وأنتم تحولون بيني وبينه ؟ وتضربون وجهي دونه ، فلما قرعته بالحجة في الملأ الحاضرين هب كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به . اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا ان في الحق أن تأخذه ، وفي الحق أن تتركه [1] . الشرح : هذا من خطبة يذكر فيها عليه السلام ما جرى يوم الشورى بعد مقتل عمر ، والذي قال له ( انك على هذا الأمر لحريص ) سعد بن أبي وقاص ، مع روايته فيه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى . وهذا عجب ، فقال لهم : بل أنتم أحرص وأبعد ، الكلام المذكور ، وقد رواه الناس كافة . وقالت الامامية : هذا الكلام يوم السقيفة ، والذي قال له ( انك على هذا الأمر لحريص ) أبو عبيدة الجراح ، والرواية الأولى أظهر وأشهر . وروي ( فلما قرعته ) بالتخفيف ، أي : صدمته بها . وروي ( هب لا يدري ما يجيبني ) كما تقول : استيقظ وانتبه ، كأنه كان غافلا ذاهلا عن الحجة فهب لما ذكرتها . ( أستعديك ) أي : أطلب أن تعديني عليهم ، وأن تنتصف لي منهم . ( قطعوا رحمي ) لم يرعوا قربه من رسول الله صلى الله عليه وآله . ( وصغروا عظيم منزلتي ) لم يقفوا مع النصوص الواردة فيه . ( وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ) أي : بالأفضلية أنا أحق به منهم ، هكذا ينبغي أن يتأول كلامه عليه السلام ، وكذلك قوله ( إنما طلبت حقا لي وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه ) .