ثم قالوا : هلم فبايع والا جاهدناك ، فبايعت مستكرها ، وصبرت محتسبا ، فقال قائلهم : يا بن أبي طالب انك على هذا الأمر لحريص ، فقلت : أنتم أحرص مني وأبعد ، أينا أحرص ؟ أنا الذي طلبت ميراثي وحقي الذي جعلني الله ورسوله أولى به ، أم أنتم تضربون وجهي دونه وتحولون بيني وبينه ، فبهتوا ، والله لا يهدي القوم الظالمين . اللهم إني أستعديك على قريش ، فإنهم قطعوا رحمي ، وأضاعوا إياي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه . ثم قالوا : ألا ان في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه ، فاصبر كمدا ، ومت أسفا حنقا ، فنظرت فإذا ليس معي رافد ، ولا ذاب ، ولا ناصر ، ولا مساعد الا أهل بيتي ، فضننت بهم المنية ، فأغضيت على القذى ، وتجرعت ريقي على الشجى ، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم ، وآلم للقلب من حز الشفار . حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه ، ثم جئتموني لتبايعوني ، فأبيت عليكم ، فأمسكت يدي ، فنازعتموني ودافعتموني ، وبسطتم يدي فكففتها ، ومددتموها فقبضتها ، وازدحم علي حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض ، أو أنكم قاتلي ، فقلتم بايعنا لا نجد غيرك ، ولا نرضى الا بك ، بايعنا لا نفترق ولا تختلف كلمتنا ، فبايعتكم ودعوت الناس إلى بيعتي ، فمن بايع طوعا قبلته ، ومن أبى لم أكرهه وتركته ، فبايعني في من بايعني طلحة والزبير ، إلى الخطبة [1] . ومما يدل أيضا على ما ادعيناه ، ما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد أيضا ، قال : وروى الزبير بن بكار ، قال : روى محمد بن إسحاق أن أبا بكر لما بويع افتخرت تيم بن مرة ، قال : وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون أن عليا عليه السلام هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال الفضل بن العباس : يا معشر