القول بعدالة من أغضى له عليها ، وحكمه في ذلك حكم رسول الله صلى الله عليه وآله ، لأنه قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنه قال : علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار . وقال له غير مرة : حربك حربي وسلمك سلمي . وهذا المذهب هو أعدل المذاهب عندي وبه أقول [1] . انتهى . أقول : ما ذكره هذا الزايغ عن الصواب غير موجه ، لأنه إذا سبق وجوب طاعته عليه السلام كيف يجوز أن يؤخذ منه البيعة ؟ ولو كان الأمر كما زعم من أن بيعته كانت مصلحة للدين ، لسبق الكل في بيعة أبي بكر ، ولما كان يتخلف عنه طرفة عين ، ولما كان يبلغ الأمر إلى احراق البيت والتهديد والوعيد ، ولما كان يتظلم عليه السلام مرار على رؤوس الناس ، لأنه عليه السلام أزهد الزهاد ، وأعلم العلماء ، وأفضل الفضلاء ، وأشد الناس حبا لمصالح الدين ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . ومما يدل أيضا على ما ادعيناه من عدم وقوع الاجماع ، ما نقل السيد الشريف المرتضى ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن عمر بن أبي مسلم ، قال : كنا جلوسا عند جعفر بن عمرو بن حريث ، فقال : حدثني والدي أن عليا عليه السلام لم يقم مرة على المنبر الا قال في آخر كلامه قبل أن ينزل : ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله [2] . وما نقل رحمه الله عن أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الثقفي بسنده ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، قال : سمعت عليا عليه السلام يقول على المنبر : قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وما في الناس أحد أحق بهذا الأمر مني [3] . وما نقل رحمه الله عن إبراهيم الثقفي بسنده ، عن جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه ،
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 296 - 297 . [2] الشافي في الإمامة للسيد الشريف المرتضى 3 : 223 - 224 . [3] الشافي 3 : 223 .