توثيقات القدماء إلى توثيقات المتأخرين ، وبعض القرائن التي يمكن تحصيلها يغنينا عن التنزّل إلى العمل بالظن ، إلا إذا تحكّم إشكال مراسيل التوثيقات وسيأتي البحث عنه . أما بناء على اشتراط التعدد في التزكية ، كما اختاره الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ، ونسبه إلى جماعة من الأصوليين والى المحقق الحلي [1] يقوى القول بانسداد باب العلم ، لتعذر تحصيل شهادة عدلين بالنسبة لكل راوي من الثقات . نعم إن المرحوم السيد حسن الصدر ألّف رسالة في خصوص من تعدد توثيقه من الرواة سماها ( عيون الرجال ) ، وقال في مقدمتها : « قد التمس السيد الأجل . . . أن أصنّف رسالة فيمن تعدد توثيقه من الرواة لتخف المؤونة على من كان لا يرى التزكية من باب الخبر ، أو من باب الظنون الاجتهادية ، بل يراها من باب الشهادة . وقد حققنا المسألة في ( نهاية الدراية ) [2] ، وحكينا فيها رأي المحقق بن سعيد في اشتراط قبول العدالة بشهادة اثنين من ثقات الإمامية الخ » . لكنه لا يخفى عدم وفاء تلك الرسالة بالمطلوب ، لكثرة الرواة وقلة من ذكر فيها . وقد اعترف السيد المصّنف - قدست نفسه - بأن رسالته مخففة للمؤنة ، لا رافعة لها . كما أنه يقوى القول بالانسداد بناء على عدم العبرة بشهادة أولئك المتأخرين في شأن التوثيق بدعوى ضعف احتمال الحس في شهادتهم ، لفصل الزمن الطويل بينهم وبين من وثقوهم من الرواة ، فإن الاقتصار على
[1] منتقى الجمان ج 1 ص 14 . [2] وهو كتاب للسيد الصدر في علم الدراية شرح به ( الرسالة الوجيزة ) للشيخ البهائي .