responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الحديث نویسنده : محي الدين الموسوي الغريفي    جلد : 1  صفحه : 131


الوضع والتقية في الأحاديث

بحث عن اضطرار أهل البيت ( ع ) وشيعتهم إلى استعمال التقية

قيام الدليل على حجيته ، فلا يضر الخلاف فيها . نظير الخلاف في حجية الخبر الموثق والحسن . بل الخلاف بين قدامي الفقهاء في أصل حجية خبر الواحد .
نعم لو حصل من تلك الشهرة وثوق بعدم صدور الخبر أصلاً ، أو بعدم صدوره لبيان الحكم الواقعي فلا يكون حجة ، ولا تشمله أدلة الحجية .
الوضع والتقية في الأحاديث ويمكن الاستدلال على اعتبار تلك الشهرة بوجه لم أرَ مَن ذكره وهو أن كثيراً من الأحاديث صدرت عن أهل البيت ( ع ) مخالفة لما يرونه من حكم الشرع تقية [1] ليحفظوا الأنفس والأعراض والأموال من سطوة خلفاء الجور وولاتهم ، فلا يكون مفادها مراداً بالإرادة الجدية . وكذا بعض أفعالهم ، وتقاريرهم المحكية عنهم ( ع ) ببعض الأخبار .



[1] - اضطر الأئمة من أهل البيت ( ع ) إلى استعمال التقية في أقوالهم وأفعالهم خوفاً من الحكام الجائرين في عصري الأمويين ، والعباسيين . فكانوا لا يبيحون بالحكم الواقعي إلا عند الأمن على أنفسهم ، وشيعتهم من أولئك الحكام . وقد استفاضت الأخبار بذلك عموماً وخصوصاً . منها صحيح معمّر بن خّلاد عن الإمام الباقر ( ع ) قال : « التقية من ديني ودين آبائي ، ولا إيمان لمن لا تقية له » . وبمضمونه عدة من الأخبار ( الوسائل ب 24 - الأمر بالمعروف ) فتدل باطلاقها على استعمال أهل البيت ( ع ) للتقية قولاً وفعلاً . ومنها صحيح زرارة عن أحد الصادقين ( ع ) قال : « ثلاثة لا أتقي فيهن أحداً ، شرب المسكر ، ومسح الخفين ، ومتعة الحج » ( الوسائل ج 1 ب 38 - الوضوء ) فتدل على استعمال الإمام ( ع ) للتقية في غير الموارد الثلاثة . ومنها ما رواه علي بن يقطين عن الإمام الكاظم ( ع ) فقد سأله عن الوضوء فأجابه على وفق المذهب السّني ، لمّا كان هارون الرشيد يرقب وضوءه . فلما زال الخطر عنه أمره بالوضوء على وفق مذهب أهل البيت ( ع ) قائلاً : « فقد زال ما كنا نخاف منه عليك » ( الوسائل ج 3 ب 23 - الوضوء » . ومنها ما رواه خلاد بن عمارة عن الإمام الصادق ( ع ) أنه قال : « دخلت على أبي العباس ( * ) في يوم شك وأنا أعلم أنه من شهر رمضان وهو يتغذى . فقال : يا أبا عبد اللّه ( ع ) ليس هذا من أيامك . قلت : لمَ يا أمير المؤمنين ، ما صومي إلا بصومك ، ولا إفطاري إلا بافطارك ، قال فقال أدنُ . قال : فدنوت فأكلت وأنا - واللّه - أعلم أنه من شهر رمضان » . وبمضمونه أخبار أخر ، ورد في بعضها « أفطر يوماً من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي » . ( الوسائل ب 58 - أبواب ما يمسك عنه الصائم ) . وقد علل الإمام الباقر ( ع ) اختلاف جوابه في بعض الأحكام بقوله : « . . . يا زرارة إن هذا خير لنا ، وأبقى لنا ولكم » . كما علل الإمام الصادق ( ع ) اختلاف الشيعة في وقت الصلاة بقوله : « . . . لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم » . ولذا قال الشيخ يوسف البحراني : « . . . فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل لامتزاج أخباره بأخبار التقية ، كما قد اعترف بذلك ثقة الاسلام ، وعلم الأعلام محمد بن يعقوب الكليني - نور اللّه تعالى مرقده - في جامعه الكافي الخ » ( الحدائق ج 1 ص 5 - 6 ) . [ هامش ] ( * ) - أي السفاح ، أول خلفاء بني العباس . [ / هامش ] وسار الشيعة على هدى أئمتهم ( ع ) في استعمال التقية فراراً من غياهب السجون ، وأعواد المشانق ، فكانوا كمؤمن « آل فرعون يكتم إيمانه » خوفاً من طاغية زمانه ، حيث كان التشيع من أعظم جرائم تلك العصور . قال ابن أبي الحديد : إن بني أمية اجتهدوا في إطفاء نور الإمام علي ( ع ) « وتوعدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً ، حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه . . . » ونقل عن أبي جعفر الإسكافي أنه قال : « وقد صح أن بني أمية منعوا من إظهار فضائل علي - عليه السلام - وعاقبوا ذلك الراوي له حتى أن الرجل إذا روى عنه حديثاً لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه ، فيقول : عن أبي زينب » . ( شرح نهج البلاغة ج 1 ص 17 - ج 4 ص 73 ) . فأهل البيت ( ع ) وشيعتهم لم يستعملوا التقية إلا بعد أن دعت الحاجة إليها . وقد رخص فيها الشرع الاسلامي الأقدس . قال تعالى : « لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل فليس من اللّه في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة » ( آل عمران / 28 ) . بل رخص في إظهار كلمة الكفر عند الاضطرار ، كما فعله عمار بن ياسر - رضوان اللّه عليه - حين اضطرته قريش إلى النيل من النبي ( ص ) ، فنزل قوله تعالى : « من كفر باللّه من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان » ( النحل / 16 ) وقال له النبي ( ص ) : يا عمار إن عادوا فعد . ( الوسائل ب 29 - الأمر بالمعروف - الدر المنثور ج 4 ص 132 - أسباب النزول ص 212 ) . بالإضافة لما دل من الكتاب والسنة على نفي الضرر والحرج في الشرع ، وإباحة ما اضطر إليه المكلف ، فإنه دال على مشروعية التقية ، لأنها عبارة عن وقاية النفس أو المال أو العرض من الأذى . ولذا استعملها جميع المسلمين عند الحاجة . فذكر الخطيب البغدادي أن أبا حنيفة كان يقول بخلق القرآن ، فاعترضه ابن أبي ليلى واستتابه ، فتاب وعدل إلى القول : بأن القرآن من كلام اللّه تعالى . فقال له ابنه حماد : « كيف صرت إلى هذا وتابعته . قال : يا بني خفت أن يقّدم علي ، فأعطيته التقية » . ( تأريخ بغداد ج 13 ص 379 - 380 ) . ولسنا بصدد نقاش ما اعتذر به عن التقية ، وصلاحيته لها . وقال الآلوسي في ( تفسيره ) مشيراً إلى الآية السابقة الناهية عن اتخاذ الكافرين أولياء : « وفي هذه الآية دليل على مشروعية التقية . وعرّفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء ، والعدو قسمان ، الأول من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين ، كالكافر والمسلم ، والثاني من كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية ، كالمال والمتاع والملك والإمارة ومن هنا صارت التقية قسمين . . . وعّد قوم من باب التقية مداراة الكفار والفسقة والظلمة ، وإلانة الكلام لهم ، والتبسم في وجوههم ، والانبساط معهم ، وإعطاؤهم لكف أذاهم ، وقطع لسانهم ، وصيانة العرض منهم ولا يعّد ذلك من باب الموالاة المنهي عنها ، بل هي سنة وأمر مشروع ، فقد روى الديلمي عن النبي ( ص ) الخ » ثم ساق الروايات الدالة على ذلك . إذن فمن العدوان أن تتخذ التقية وسيلة طعن في المذهب الإمامي . فقد شرعها الكتاب والسنة . وأقرها العقل ، وقام عليها سيرة المسلمين . ومن الغريب أن يجمع الآلوسي بين اعترافه بمشروعية التقية استناداً إلى الكتاب والسنة ، وبين نقده للشيعة لنسبتهم القول بالتقية إلى الأئمة من أهل البيت ( ع ) ، وحمل بعض أفعالهم عليها . قائلاً : « وجل غرضهم من ذلك إبطال خلافة الخلفاء الراشدين - رضي اللّه تعالى عنهم - ويأبى اللّه ذلك » . وبسط كلامه على هذا النهج ( روح المعاني ج 3 ص 107 ، وما بعدها ) . مع أن استعمال أهل البيت ( ع ) للتقية غير قابل للتشكيك وسبق بعض أحاديثهم في ذلك ، فكيف ساغ هذا النقد ؟ . واللّه يحكم بين عباده .

نام کتاب : قواعد الحديث نویسنده : محي الدين الموسوي الغريفي    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست