responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الحديث نویسنده : محي الدين الموسوي الغريفي    جلد : 1  صفحه : 135


كما وأن كثيراً من الأحاديث لم تصدر عن الأئمة ( ع ) ، وإنما وضعها رجال كّذابون ونسبوها إليهم ، إما بالدس في كتب أصحابهم أو بغيره [1] . وبالطبع لا بد وأن يكونوا قد وضعوا لها أو لأكثرها أسناداً صحاحاً ، كي تقبل حسبما فرضته عملية الدس والتدليس .



[1] كما اضطر الأئمة من أهل البيت ( ع ) إلى استعمال التقية فقد ابتلوا بجماعة من الزندقة الكذابين الذين بذلوا أقصى جهودهم في وضع الأحاديث ، ونسبتها إليهم ( ع ) . فقد روى الكشي بسنده عن محمد بن عيسى أنه قال : إن بعض أصحابنا سأل يونس بن عبد الرحمان « وأنا حاضر فقال له : يا أبا محمد ما أشدك في الحديث ، وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا فما الذي يحملك على رد الأحاديث ؟ فقال : حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد اللّه - عليه السلام - يقول : لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة ، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة ، فان المغيرة بن سعيد - لعنه اللّه - قد دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي . فاتقوا اللّه ، ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى ، وسنّة نبينا ( ص ) . . . قال يونس . . . وأخذت كتبهم فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا - عليه السلام - فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد اللّه - عليه السلام - وقال لي : إن أبا الخطاب كذب على أبي عبد اللّه - عليه السلام - لعن اللّه أبا الخطاب . وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هدا في كتب أصحاب أبي عبد اللّه - عليه السلام الخ » ( رجال الكشي ص 146 - 147 ) . ولذا قال الشيخ يوسف البحراني : « . . . ورد عنهم - عليهم السلام - من أن لكل رجل منا رجلاً يكذب عليه ، وأمثاله مما يدل على دس بعض الأخبار الكاذبة في أحاديثهم ( ع ) . ( الحدائق ج 1 ص 8 ) . وليس هذا بغريب بعدما أكثر الكذابون من وضع الأحاديث ونسبتها إلى النبي ( ص ) . فروى الكليني بسنده عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين ( ع ) أنه قال : « وقد كذب على رسول اللّه ( ص ) على عهده حتى قام خطيباً ، وقال : أيها الناس قد كثرت عليَّ الكذابة ، فمن كذب عليُّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار . ثم كذب عليه من بعده ، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس . رجل منافق يظهر الايمان متصنع بالاسلام ، لا يتأثم ، ولا يتجرح أن يكذب على رسول اللّه ( ص ) الخ » ( الوسائل ح 1 ب 14 - صفات القاضي ) . ولذا كثرت الأحاديث الموضوعة في كتب أهل السنة . حتى ألف السيوطي ، والصغاني ، وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهم كتباً في التنبيه عليها وأثبت المحقق الحجة الأميني في الجزء الخامس من كتابه ( الغدير ) تحت عنوان ( نظرة التنقيب في الحديث ) سلسلة لبعض الكذابين والوضاعين من رجال حديث أهل السنة ، فبلغوا ستمائة وعشرين شخصاً . كما وضع قائمة للأحاديث الموضوعة والمقلوبة من قبل بعض أولئك الرجال ، فبلغت ثمانية وتسعين ألف وستمائة وأربعة وثمانين حديثاً . وبالإضافة إلى الأحاديث المتروكة والمسقطة عندهم بلغت أربعمائة وثمانية آلاف وثلاثمائة وأربعة وعشرين حديثاً . وقد كثر الوضع والكذب في الحديث على عهد معاوية حيث اقتضت مصلحته الدنيوية ذلك فاصطنع رجال سوء من بعض الصحابة وغيرهم ، وغرّهم بالأموال الطائلة في هذا السبيل . قال ابن أبي الحديد عند ذكر أمير المؤمنين ( ع ) : « . . . استولى بنو أمية على سلطان الاسلام في شرق الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره ، والتحريض عليه ووضع المعايب والمثالب له الخ » . ونقل عن شيخ المعتزلة أبي جعفر الإسكافي أنه قال : « إن معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي - عليه السلام - تقتضي الطعن فيه ، والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلا ( * ) يُرَغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير » . ثم عرض بعض ما رووه في ذلك . ( شرح نهج البلاغة ج 1 ص 17 - ج 4 ص 63 ) . [ هامش ] ( * ) الجعل بضم الجيم وسكون العين الأجر الذي يأخذه الانسان على فعل شيء . [ / هامش ] إذن فمن الحيف أن ينسب القصيمي الكذب إلى رجال الشيعة ويقول : « ليس في رجال الحديث من أهل السنة من هو متهم بالوضع و ( الكذابة ) ( * ) طمعاً في الدنيا الخ » ( الغدير ج 5 ص 184 ، نقلاً عن الصراع ج 1 ص 85 ) . وما نسبه الدكتور صبحي صالح إلى ابن أبي الحديد من قوله : « إعلم أن أصل الكذب في أحاديث الفضائل جاء من جهة الشيعة » . ( علوم الحديث ومصطلحه ص 321 ) . وعلق في هامش كتابه أن مصدره ( شرح نهج البلاغة ج 2 ص 134 ) . كما صرح في مراجع كتابه بأنه نقل عن طبعة القاهرة . [ هامش ] ( * ) هكذا ورد في المصدر ، لكن لم أجد لها معنى مناسباً في اللغة فان ( الكذابة ) بالتشديد أنثى الكذاب ، كما أنها تطلق على الثوب المنقوش بألوان الصبغ كأنه موشى . ولو قال ( كذبة ) لصح ، فإنها تستعمل بمعنى الكذب مبالغة . قال في ( تاج العروس ، مادة كذب ) : « ورجل كذبة مثال همزة . . . وهو من أوزان المبالغة » . [ / هامش ] لكن بعد مراجعتنا لمصدره لم نر تلك الجملة التي وضعها بين قوسين إشارة إلى كونها منقولة بلفظها . وفتشنا عنها في بعض الأبحاث المناسبة فلم نرها ، وإنما وجدنا كلاماً لابن أبي الحديد في الجزء الثاني من تجزئته لكتابه وهو يقع في الجزء الأول ( ص 135 طبعة القاهرة الأولى ) . ويقع في الجزء الثاني ( ص 59 طبعة القاهرة الثانية بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ) . وهو وإن كان أجنبياً عن تلك الجملة ننقله بلفظه وهو . « وأعلم أن الآثار والأخبار في هذا الباب كثيرة جداً ، ومن تأملها وأنصف علم أنه لم يكن هناك نص صريح ، ومقطوع به لا تختلجه الشكوك ولا يتطرق إليه الاحتمالات ، كما تزعم الإمامية ، فإنهم يقولون : إن الرسول - صلى اللّه عليه وآله - نص على أمير المؤمنين - عليه السلام - نصاً صريحاً جلياً ، ليس بنص يوم الغدير ، ولا خبر المنزلة ، ولا ما شابههما من الأخبار الواردة من طرق العامة وغيرها ، بل نص عليه بالخلافة ، وبأمرة المؤمنين ، وأمر المسلمين أن يسلموا عليه بذلك ، فسلموا عليه بها وصرح لهم في كثير من المقامات بأنه خليفة عليهم من بعده ، وأمرهم بالسمع والطاعة له . ولا ريب أن المنصف إذا سمع ما جرى لهم بعد وفاة رسول اللّه - صلى اللّه عليه وآله - يعلم قطعاً أنه لم يكن هذا النص ، ولكن قد يسبق إلى النفوس والعقول أنه قد كان هناك تعريض ، وتلويح ، وكناية ، وقول غير صريح ، وحكم غير مبتوت الخ » . لكن تلك النصوص التي أشار إليها ابن أبي الحديد ، الواردة من طرق العامة ، لا تختلجها شكوك واحتمالات فهي واضحة الدلالة على استحقاق أمير المؤمنين علي ( ع ) بالخلافة بعد رسول اللّه ( ص ) ، حيث قرن اللّه تعالى ولاية علي ( ع ) بولايته ، وولاية رسوله ( ص ) في آية الولاية النازلة يوم تصدق راكعاً . وقرن النبي ( ص ) ولايته بولايته في حديث الغدير . وقال ( ص ) يوم جمع عشيرته الأقربين : فأيكم يوازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ، ووصيي ، وخليفتي فيكم . فأحجم القوم عنها غير علي ( ع ) ، وكان أصغرهم ، إذ قام فقال : أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه فأخذ رسول اللّه ( ص ) برقبته وقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له ، وأطيعوا . وقد بسط البحث عن ذلك أعلام الإمامية الباحثون عن الإمامة ، ولم يبقوا مجالا لتشكيك مشكك . وكتبهم مشهورة فراجعها ، خصوصاً كتاب ( المراجعات ) للمرحوم المجاهد آية اللّه السيد عبد الحسين شرف الدين . ومن الغريب أن يستشهد ابن أبي الحديد على عدم النص بما جرى بعد وفاة النبي ( ص ) ، وما هو إلا تنافس بين المسلمين في شأن الإمرة فطمع فيها الأنصار ، وادعاها المهاجرون والسيوف مسلولة في سبيل ذلك ، حتى كانت ( الفلتة ) في جو من الارهاب . والإمام علي ، وبنو هاشم مشغولون بتجهيز النبي ( ص ) . وما أن فرغوا حتى رأوا حدثاً لم يكن في الحسبان ، فامتنعوا من البيعة ، ومعهم نفر من الصحابة المخلصين ، وأقاموا الأدلة ، والنصوص النبوية على أن الخليفة الشرعي للنبي ( ص ) هو أمير المؤمنين علي ( ع ) . ولم يبق إلا القتال في سبيل الخلافة ، فصبر علي ( ع ) « وفي العين قذى ، وفي الحلق شجاً » حقناً للدماء ، ورعاية لمعالم الاسلام ومظاهره . ثم إن الدكتور صبحي صالح قد وصف ابن أبي الحديد بالشيعي تتميماً لحجته حيث يكون الشاهد على الشيعة منهم مع أن تسننه أشهر من أن يخفى . وأبحاثه في ( شرح النهج ) شاهدة بذلك ، وإن فضّل أمير المؤمنين ( ع ) على غيره ، ومدحه بما يستحقه ، فان محض تفضيله ، ومدحه لا يوجب صدق التشيع . وقد اضطرب الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم في مذهب ابن أبي الحديد فجعل له أدواراً ثلاثة تقّلب مذهبه فيها . الأول حينما نشأ في المدائن ، وتلقى عن شيوخها . وكان مذهبه الاعتزال . الثاني حين مدح أمير المؤمنين - عليه السلام - بقصائده السبع العلويات ، وكان مذهبه المغالاة في التشيع ، يقول الأستاذ : « وفيها غالى وتشيع ، وذهب به الاسراف في كثير من أبياتها كل مذهب » . وقد كبر على الأستاذ أن يصدر ذلك المدح من أحد أعلام السنة ، فاضطر إلى القول بتشيعه ، واستعرض أبياتاً من قصيدته العينية مستشهداً بها على ذلك ، مع أن قوله فيها : ورأيت دين الاعتزال وإنني * أهوى لأجلك كل من يتشيع صريح في بقائه على اعتزاله ولسنا بصدد مناقشة الأستاذ حول ما سماه مغالاة واسرافاً . الثالث حين شرح ( نهج البلاغة ) ، وكان مذهبه الاعتزال الجاحظي . ( مقدمة شرح نهج البلاغة ص 14 - 15 ) . وقد اُتهم الأستاذ محمود أبو رية بالتشيع أيضاً ، لأنه كشف الحال عن أبي هريرة في كتابيه ( أضواء على السنة المحمدية ، وشيخ المضيرة ) ، أنظر كتابه الثاني ص 13 .

نام کتاب : قواعد الحديث نویسنده : محي الدين الموسوي الغريفي    جلد : 1  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست