يعقوب ) ، جوابا للدعاء بمعنى إن رزقتني ولدا يرث ، لا صفة ليكون زكريا قد سأل ربه وليا وارثا . فما طلبه النبي من ربه تحقق وهو الولد وتوريثه المال أو النبوة لم يكن داخلا في جملة ما سأل ربه وإنما كان لازما لما رجاه في معتقد زكريا عليه السلام . ويختلف تقدير العبارة صفة عن تقديرها جوابا من النواحي اللفظية في الاعراب ، لأن الفعل إذا كان صفة فهو مرفوع ، وإذا كان جوابا يتعين جزمه . وقد ورد في قراءته [1] كلا الوجهين . وإذا لا حظنا قصة زكريا في موضعها القرآني الاخر وجدنا أنه لم يسأل ربه إلا ذرية طيبة ، فقد قال تبارك وتعالى في سورة آل عمران : ( هنالك دعا زكريا ربه قال رب هبب لي من لدنك ذرية طيبة ) [2] . وأفضل الأساليب في فهم القرآن ما كان منه مركزا على القرآن [3] نفسه ، وعلى هذا فنفهم من هذه الآية أن زكريا كان مقتصدا في دعائه ولم يطلب من ربه إلا ذرية طيبة ، وقد جمع القرآن الكريم دعاء زكريا في جملة واحدة تارة وجعل لكل من الذرية ووصفها دعوة مستقلة في موضع آخر فكانت جملة هب لي من لدنك وليا طلبا للذرية ، وجملة واجعله ربي رضيا دعوة بأن تكون الذرية طيبة . وإذا جمعنا هاتين الجملتين أدت نفس المعنى
[1] راجع : املاء ما من به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات / أبي البقاء العكبري ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة / 1969 ، تفسير مجمع البيان / الطبرسي 6 : 647 . الكشاف / الزمخشري 3 : 5 . [2] آل عمران / 38 . [3] راجع الإتقان / السيوطي 4 : 200 ، مقدمة في أصول التفسير / ابن تيمية .