نام کتاب : عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب إمام الأبرار نویسنده : ابن البطريق جلد : 0 صفحه : 9
2 - ان معاوية سأل ضرار بن جزء بعد موت على عنه ، فقال : صف لي عليا فقال : أو تعفيني ؟ قال : صفه ، قال : أو تعفيني ؟ قال : لا أعفيك قال : اما إذ لا بد فأقول ما اعلمه منه . والله كان بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وأنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة يقلب كفيه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب . كان والله كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا اتيناه ، ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة ، ولا نبتدئه عظمة ، ان تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين لا يطمع القوى في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله . فاشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت ؟ أم إلي تشوقت ؟ هيهات ، هيهات غرى غيري قد باينتك ثلاثا لا رجعة لي فيك ، فعمرك قصير وعيشك حقير ، وخطرك كثير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق . قال : فذرفت دموع معاوية على لحيته فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء ، فقال معاوية : رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها [1] هذه شذرات من فضائله ، وقبسات من مناقبه الكثيرة التي حفظها التاريخ عن تلاعب الأيدي . غير أنه لا يعرف عليا غير خالقه ، وبعده صاحب الرسالة الكبرى ابن عمه المصطفى