نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 204
على ذلك وان كنت مع الناس ترى نفسك أيضا مخلصا لا يشوبك شائبة قط فذلك أعلى درجات المخلصين ان يستوى غيبة الخلق وحضورهم عنده ، وإنما يتم ذلك بحقيقة المعرفة بالله وبالخلق ، وشرف النفس وعلو الهمة ، فاستوى عنده وجودهم وعدمهم . ولعل إلى هذا أشار صلى الله عليه وآله بقوله : يا أبا ذر لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس أمثال الأباعر فلا يحفل بوجودهم [1] ولا يغيره ذلك كما لا يغيره وجود بعير عنده هكذا قيل ، وتمام الخبر يدل على معنى آخر ، وهو ان المراد بذلك وضع النفس لان تمام الخبر : ثم يرجع إلى نفسه فيكون أعظم حاقر لها . ومثل هذا ما حدثني به بعض أصحابنا ان الله سبحانه أوحى إلى موسى عليه السلام : إذا جئت للمناجاة فاصحب معك من تكون خيرا منه ، فجعل موسى لا يعترض ( يعرض ) أحدا الا وهو لا يجسر ( يجترئ ) ان يقول : انى خير منه ، فنزل عن الناس وشرع في أصناف الحيوانات حتى مر بكلب أجرب [2] فقال : أصحب هذا فجعل في عنقه حبلا ثم مر ( جر ) به فلما كان في بعض الطريق شمر الكلب من الحبل وأرسله ، فلما جاء إلى مناجاة الرب سبحانه قال : يا موسى أين ما أمرتك به ؟ قال : يا رب لم أجده فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي لو أتيتني بأحد لمحوتك من ديوان النبوة [3] . توضيح وتقسيم : خطرات الرياء ثلاثة : الأول ما يدخل قبل العمل فيبعث على الابتداء لرؤية المخلوقين ، وليس له باعث الدين فهذا يجب أن يترك لأنه معصية لاطاعة فيها أصلا ، وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وآله
[1] الأباعر جمع البعير . يقال : ما احفل بفلان أي ما أبالي به ( أقرب ) . [2] الجرب بالتحريك داء معروف فهو اجرب ( المجمع ) . [3] يأتي عن قريب ما يؤيد بمضمونه ما يستفاد من هذا الحديث من الروايات المذكورة في فصل العجب .
نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 204