في كل هذه الأحاديث لم يذكر غير عمر في من تكلم ومنع الرسول من كتابة الوصية ، فهو الذي قال لأزواج النبي - لما قلن : إئتوا رسول الله حاجته - إنكن صواحبه [1] ، وقال : من لمدائن الروم ، وقال ، لما رأى كفة الموافقين رجحت : إن النبي قد غلبه الوجع ، وعندكم القرآن ، فحسبنا كتاب الله ، وهو الذي قال : إن الرجل ليهجر . وبهذا القول جعل الرسول أمام أمر واقع . فإنه لو كان قد كتب بعد هذا القول لجاز أن ينسب إليه الهذيان ويقال فيه : إنه كان يهذي ويهجر عندما أملى الكتاب . وإلى هذا يشير ما جاء في حديث آخر لابن عباس قال : فقال بعض من كان عنده : إن نبي الله ليهجر . قال : فقيل له : ألا نأتيك بما طلبت ، قال : أو بعد ماذا [2] ؟
[1] في العصر الاسلامي الأول كانوا يعبرون عمن تتظاهر بحب رجل ما بقولهم : إنكن صويحباته تشبيها لها بصويحبات يوسف . [2] طبقات ابن سعد ج 2 / 242 . ط . بيروت بما أن كتاب السير والتواريخ لم يذكروا غير اسم أبي حفص منع النبي من كتابة الوصية فلنا أن نعد هذا القول من خصائص أبي حفص . وتشابه كتابة وصية الرسول حال احتضاره كتابة أبي بكر الوصية كذلك في ما روى الطبري ط . أوروبا 1 / 2138 و 3 / 52 قال : دعا أبو بكر عثمان خاليا ، فقال : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين ، أما بعد . قال : ثم أغمي عليه فذهب عنه ، فكتب عثمان : أما بعد فإني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ولم الكم خيرا ، ثم أفاق أبو بكر فقال : إقرأ علي ، فقرأ عليه ، فكبر أبو بكر وقال : أراك خفت أن يختلف الناس إن أسلمت نفسي في غشيتي قال : نعم . قال : جزاك الله خيرا عن الاسلام وأهله ، وأقرها أبو بكر ( رض ) من هذا الموضع . وذكر قبل ذلك عن عمر أنه كان جالسا والناس معه وبيده جريدة ومعه شديد مولى لأبي بكر معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر ، وعمر يقول : " أيها الناس اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إنه يقول : إني لم الكم نصحا " . ( رضي الله عنك يا أبا حفص ! كم من الفرق بين موقفك هذا وموقفك من كتابة وصية الرسول ) ! ! ! ؟ ؟ ؟