فارس - بعد القادسية حائرا أمام نهر دجلة وقد فاضت وكانت السنة كثيرة المدود فخطب جيشه وقال لهم : إن عدوكم اعتصم منكم بهذا البحر يخلص إليكم متى ما شاء في سفنه وأنتم لا تخلصون إليه ، وإني عزمت على قطع هذا البحر إليه . ثم قال : من يبدأ فيحمي لنا الفراض - فوهة النهر - فانتدب له عاصم بن عمرو ذو البأس وانتدب معه ستمائة رجل فحاربوهم حتى ملكوا الشاطئ المقابل لهم . وفي آخر هذا الحديث الطويل يقول : " ولما رأى سعد عاصما على الفراض قد منعها أذن للناس في الاقتحام ، فركبوا اللجة وإن دجلة لترمي بالزبد ، وإنها لمسودة وإن الناس ليتحدثون في عومهم ، وقد اقتربوا لا يكترثون ، كما يتحدثون في مسيرهم على الأرض " . وقال في حديث آخر بعده عن القاسم بن الوليد عن عمير الصائدي : " وما زال فرس يستوي قائما إذا أعيى ينشز له تلعة [1] فيستريح عليها كأنه على الأرض فلم يكن بالمدائن أمر أعجب من ذلك وذلك ( يوم الماء ) وكان يدعى ( يوم الجراثيم ) [2] " . وعززها بثانية ، روى فيها عن محمد وطلحة والمهلب وعمرو : " قالوا كان يوم ركوب دجلة يدعى : ( يوم الجراثيم ) لا يعيي أحد إلا نشزت له ( جرثومة ) يريح عليها " [3] . وفي التي بعدها قال : " خضنا دجلة وهي تطفح فلما كنا في أكثرها ماء لم يزل فارس واقفا ما يبلغ الماء حزامه " .
[1] التلعة : ما علا من الأرض . [2] الطبري ط . أوروبا ( 1 / 2438 ) . [3] الطبري ط . أوروبا ( 1 / 2438 ) .