هذه الحقيقة ، فتجدها في كتاب " عبد الله بن سبأ " للبحاثة العسكري ، فقد اعتمد في كتابه هذا منهج الحق والعدل ، والتزم بكل شرط يفرضه العلم في عملية البحث ، بحيث لا يستطيع القارئ مهما بلغ من الفكر والعلم أن يرفض النتائج التي توصل إليها المؤلف ، أو يشكك فيها ، ولو باحتمال كيفي موهوم ، لان الأسس التي بنى عليها المؤلف ، مادية لا فكرية فحسب ، ومشاهدات لا نظريات ، وقضايا ضرورية لا اجتهادية . لقد رددت على المفترين والمعترضين مرات ومرات ، واعترف أني لم آت بجديد لا تعرفه الناس ، بل كنت أكرر ما أجاب به المفيد والمرتضى والعلامة ، ولا شئ لي سوى الأسلوب والتوضيح . ذلك أن الاعتراض واحد لم يتغير منذ زمان وزمان ، فجوابه أيضا واحد لم يتغير ، تماما كجواب من أنكر الباري عز وجل . وكنت أعزي النفس بأن الكثير يجهلون ما أجاب به الأولون ، وبأن السكوت يغري بنا السفهاء ويفسر بالضعف والعجز عن الجواب ، وعلى أية حال فكنت أجيب كما أجاب غيري على أساس الاعتراف بابن سبأ ، ثم الانكار والتبري منه ومن أقواله ، أما صاحب كتاب " ابن سبأ " فقد هدم البناء من الأساس ، وأثبت بأن ابن سبأ أسطورة لا وجود له ، وهذا هو الجديد في الكتاب . ولا أغالي إذا قلت : إنه الكتاب العربي الوحيد الذي بحث التاريخ على أساس العلم ، وتعمق فيه هذا التعمق . وأيضا لست مبالغا إذا قلت : إن المؤلف قد أدى إلى الدين والعلم - وبخاصة إلى مبدأ التشيع - خدمة لا يعادلها أي عمل في هذا العصر الذي