لنفروا إليه بجماعتهم ، ففعلوا . ومضى وجوههم وساداتهم حتى وصلوا إلى مكة واجتمع إليهم أهلها فذكروا ذلك لهم فقال لهم أهل مكة : أنتم معشر يهود أهل كتاب ومحمد يدعو إلى مثل ما أنتم عليه ، ونحن على ما تعلمون ، نسألكم بالله أينا أهدى سبيلا نحن أم محمد ؟ ؟ فقالوا : بل أنتم . ففيهم أنزل الله عز وجل فيما قالوا : ( ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ) [1] . هذا كما ذكرنا فيما تقدم يجري فيهم وفيمن قال مثل قولهم . فلما سمع أهل مكة ذلك ووعدهم القيام والنصرة وثقوا بذلك واشتد عزمهم ومشوا معهم على قبائل العرب بمثل ذلك ، فأجابتهم غطفان من قيس بن غيلان ومن خف من سائر العرب ، واتعدوا [2] على أن يرجعوا بأجمعهم إلى المدينة فلا يبرحوا منها حتى يقتلوا رسول الله صلوات الله عليه وآله ومن فيها وتعاقدوا على ذلك واجتمعوا فيه . وكان أبو سفيان رئيس قريش ومن كان من أهل مكة من حلفائهم وقائدهم وخرج بهم . وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن ابن حذيفة بن بدر من بني فزارة [3] ، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المزني في بني مرة ، ومسفر بن دخيلة بن نميرة فيمن تابعه من قومه من أشجع واجتمع الجميع في عدد عظيم وعدة وقوة عتيدة [4] .
[1] ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء . . . ( النساء : 51 ) . [2] اي : اجمعوا [3] واسم عيينة حذيفة ، وسمي : عيينة لشتر كان بعينه وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وآله الأحمق . المطاع لأنه كان من الجرارين تتبعه عشرة آلاف قناة . [4] عتيدة : قاهرة .