فأنهضني إليه رسول الله صلوات عليه وآله ، فعممني ببردة بيده ، وأعطاني سيفه هذا - وأومي إلى ذي الفقار - فخرجت أمشي ونساء المدينة ورجالها بواك إشفاقا علي من عمرو بن عبد ود ، فقتله ! ، والعرب لا تعدل به فارسا غيره ، وضربني هذه الضربة - وأومأ بيده إلى هامته ، ووضع يده على الضربة [1] - ، وهزم الله المشركين . وهذا يوم الأحزاب الذي ذكر الله عز وجل في كتابه فيه ما ذكر من قوله : ( إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، وإذ زاغت الابصار و بلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ) [2] إلى ما ذكر عز وجل في سورة الأحزاب . وكان سبب الأحزاب وهم الذين تحزبوا على رسول الله صلوات الله عليه وآله من قبائل العرب فيما حكاه ، ورواه أهل السير من العامة ، إنه كان بالمدينة وما حولها كثير من اليهود ، وهم أهل نعم وأموال وذوي رياسة وأصحاب حصون اطام ، وكانوا أهل كتاب ، وغيرهم من العرب على عبادة الأوثان والتكذيب بالبعث والجزاء في الآخرة بالثواب والعقاب إلا أنهم مع ذلك مقرون بأن الله عز وجل ربهم وخالقهم ، ويزعمون إنهم يتقربون إليه بعبادة ما نصبوه من الأوثان . فلما صار رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى المدينة ، وأسلم أهلها وأكرمهم الله عز وجل بنبيه وفضلهم بدينه حسدهم اليهود على ذلك لأنهم كانوا يرون قبل ذلك أنهم أهل الكتاب ودين وإنهم بذلك أفضل منهم ، فكذبوا رسول الله صلوات الله عليه وآله وجحدوه وهم يجدونه
[1] ما بين الشارحتين زيادة في النسخة الألمانية . [2] الأحزاب : 10 .