فقال الشيخ النجدي : القول ما قاله الرجل هذا الرأي لا أرى غيره ، فتفرق القوم على ذلك . فأتى جبرائيل النبي صلوات الله عليه وآله ، فأخبره الخبر [1] ، وقال له في ذلك ما فعلوه ، فدعا علي بن أبي طالب عليه السلام ، فأطلعه على ذلك وأخبره أنه مهاجر إلى المدينة ، وأمره أن يتوشح ببردة وينام على فراشه ، ليرى من يأتيه من الذين أرادوا قتله إنه هو ، إلى أن يبعد ، وأمره بالمقام في أهله وبأن يؤدي أمانات كانت عنده وديونا عليه ، ثم يلحق به ، فهو على ذلك يوصيه إلى أن أحس القوم قد أحاطوا بمنزله ، وقائل منهم يقول لهم [2] : إن محمدا هذا يزعم إنكم ( إن ) بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ما عشتم ، ثم إذا متم بعثتم وأدخلتم جنانا كجنان الأردن [3] وإن لم تفعلوا كان لكم القتل ثم تبعثون إلى نار جهنم تحرقون فيها ، فعجلوا أنتم ذلك له . فأمر رسول الله صلوات الله عليه وآله عليا فاضطجع على فراشه ووشحه ببردة الحضرمي [4] الذي كان ينام فيه وجعل يقرأ سورة يس وأخذ بيده كفا من تراب ، فرماه في وجوههم ، وخرج فأخذ الله عز وجل على أبصارهم ولم يكونوا تكاملوا ومضى نحو الغار وقد واعد أبا بكر وعامر بن فهيرة [5] وعبد الله ابن أريقط إليه ليمضوا معه إلى المدينة وما يحتاج إليه
[1] وفي ذلك نزل قوله تعالى ( وإذ يمكر بك الذين كفروا . . . ) الأنفال : 30 . [2] وهو أبو جهل بن هشام . ( سيرة ابن هشام 2 / 91 ) . [3] وفي الهامش : بضمتين وشد الدال : كورة بالشام عن القاموس . [4] وفي الجوهرة لمحمد التلمساني ص 11 : الحضرمي الأخضر . [5] عامر بن فهيرة مولى أبى بكر .